ما كان ممكناً أفضل مما كان. اليوم ينبثق من قوى 14 آذار مجلس وطني يصعد إلى عرباته المستقلون وحدهم في مهمة الحفاظ على روح “انتفاضة الاستقلال 2005” على رغم ظروف معاكسة، من داخل ومن خارج.
سابع جلسة عقدتها اللجنة التحضيرية التي كلفها مؤتمر “البيال” في 14 آذار الماضي بوضع الترتيبات وآلية العمل من أجل دعوة هيئته العامة إلى الانعقاد وانتخاب رئيس له ورؤساء اللجان المتفق مبدئياً على أن عددها 14، لتنهي اللجنة عملها خلال مهلة شهرين تنتهي اليوم.
في مؤتمر “البيال” ذاك سجل دعاة تأليف المجلس أرباحاً ثمينة وصافية. شاركت فيه مئات (نحو 530) من شخصيات مستقلة وحزبية وقاطعه عشرات معظمهم كُتّاب وناشطون لهم تواريخ في النضال الكتابي والعملي والوقوف على المنابر. شيعة وسُنّة ومسيحيون ودروز و”مدنيون” لم يلبوا الدعوة لشكهم في الجدوى، كما لاعتراض مزمن على أداء سياسي تشوبه أنانيات. أداء ما عاد يقنعهم ولا يستسيغون تبريراته. وحتى التأكيدات أن فكرة “المجلس” سوف تتحقق لم تعد تغريهم ولا يصدقونها بعد إجهاض محاولة سنة 2011 بفعل اعتراض لأحد الأحزاب آنذاك (الكتائب اللبنانية) وعدم إلحاح مقابل، إن لم يكن “تضامن” من أحزاب أخرى تحت الطاولة مع الاعتراض. إلى اليوم لا يزال هؤلاء الخارجون من النشاطات العلنية لـ14 آذار إلى أعمالهم الشخصية وأشكال التعبير والنضالات الأخرى على اقتناع بأن ثمة تركيبة داخل 14 آذار لا تريدهم. تركيبة تفضل أن تكون الحركة الاستقلالية مجرد “حلف حزبي ثلاثي” مغلق وإن تنوّع طائفياً.
المهم أن مؤتمر”البيال” كلف لجنة، وأنهت هذه مهمتها فعلاً، ولكن كيف؟
تشكلت اللجنة التحضيرية من نحو ثلاثين شخصية حزبية ومستقلة اختيرت في معظمها بعناية، وأحد الأحزاب (“القوات اللبنانية”) أولى اهتماما فوق العادة من اللحظة الأولى بالأسماء، مَن يجب أن يكون حاضراً ومن يجب أن يغيب عن الأبصار، وأيضاً بنسبة تمثيل الحزب. سيزداد اهتمامه لاحقاً بهذه النسبة – له ولغيره من الأحزاب – في الهيئة العامة للمجلس العتيد إلى درجة لافتة خلال مناقشات اللجنة التي عقدت في مهلة الشهرين سبع جلسات. منها خمس بمشاركة ممثليه واثنتان في غيابهم بعدما تقدموا بورقة موقعة بأسمائهم تبدي الحرص على إنشاء المجلس ومشاركة المستقلين لكنها تدعوهم إلى تشكيل إطار خاص ليتم بعد ذلك الاتفاق معهم على المجلس وتمثيلهم فيه. لا تشبه الورقة الموقعة في شيء كلاماً مُحضّاً بقوة، مشجعاً ومتحمساً لمشروع إطلاق “المجلس” أطلقه نائب رئيس حزب “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان في “البيال”. ما الذي تغيّر؟ سيظل السؤال هائماً في كل الاتجاهات… لعلّ الزمن يجيب عنه.
أصر “المستقلون” وأيضاً ممثلو الأحزاب الأخرى – وبينهم الكتائبيون المسهّلون هذه المرة للمهمة – على أن مؤتمر “البيال” حدد شروط عضوية المجلس بالمشاركة في مؤتمر “البيال” وقبله “البريستول” في 2009 . قبل ذلك كان المستقلون تراجعوا في تعريف “المجلس” عن كونه “قوة معنوية” ليتحوّل هيئة استشارية غير ملزمة، لكنهم تمسكوا بأن يكون رئيسه منتخباً وخارج القيد الطائفي هو ورؤساء اللجان، وتقبلوا ألا يحمل هذا الرئيس المنتخب لقب “رئيس المجلس الوطني” واستبداله بـ”المنسق” على غرار منسق الأمانة العامة، أو “المقرّر” أو أي شيء من هذا القبيل، لأن كلمة رئيس قد تثير حساسية ما. وفي نسبة التمثيل كان الرأي الأساس أن تكون 30 في المئة للأحزاب و70 في المئة للمستقلين، واستقرت على المناصفة “فيفتي – فيفتي”.
مرّ وقت قصير ساده اعتقاد بأن مشروع “المجلس الوطني” قد أُجهض مرة أخرى. بسحر اتصالات على أكثر من مستوى فوجئ المهتمون بقبول الحزب المعترض وبقية الأحزاب فكرة “مجلس” من المستقلين وحدهم، على أن يكون مفتوحاً – ربما – للحزبيين الراغبين في الانضواء إليه بصفتهم الشخصية، وأيضاً لمشاركة الأحزاب بصفة مراقبين. على أن تستمر الامانة العامة لقوى 14 آذار في عملها كالمعتاد بعد إدخال تعديلات على تركيبتها.
واليوم عند الأولى بعد الظهر، في مقر الأمانة العامة لـ14 آذار، يعلن منسقها الدكتور فارس سعيد (القابلة القانونية للمجلس) خبر الولادة القيصرية “السعيد” ويدعو إلى انعقاد الهيئة العامة للمجلس. مبروك؟