«أنتم أيها اللبنانيون بين مسلم ومسيحي كلكم بيت واحد، إن اتفقتم وصرتم على قلب واحد».
الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود
يتميّز اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية كونه ذا مفهوم يرتكز على ثوابت الدين الحنيف من حيث التوحد والانصهار ومواكبة التطورات العصرية وبناء الإنسان والوطن وتحقيق الإنجازات المتتابعة في ميادين الازدهار والتقدم.
هذه الثوابت رسّخها مؤسس المملكة العربية السعودية، المغفور له الملك عبد العزيز آل سعود، الذي كانت حركته الرائدة نموذجاً وقدوة ومثالاً بمعانيها الإنسانية والاجتماعية، وترسيخ الاستقرار الأمني والاقتصادي، وتحقيق التكامل والتعاون والانسجام والتعاطف بين القمة والقاعدة.
ولأن تلك الرؤية عند المؤسس كانت بهذا العمق والتطلع إلى المستقبل الواعد، بثقة بالله سبحانه وتعالى ثم بالنفس، فهي ما زالت هي ذاتها لدى أبنائه وأحفاده، كل منهم يضيف جديداً إلى ما تحقق في الميادين كافة، فلا تنافس إلا على ما هو خير للمواطنين جميعاً من دون أي تمييز أو اعتبارات.
ولقد انعكست النظرة الرؤيوية لدى الملك عبد العزيز لتوحيد المملكة، خيراً وبركة على أبنائها، وعضداً وسنداً ودرعاً متيناً للأمتين العربية والإسلامية.
كما دأبت المملكة منذ أوائل خمسينيات القرن الماضي على تقديم المساعدات والقروض والمنح إلى الدول المحتاجة والمتضررة التي تعاني من الأزمات الحادة وحالات المجاعة والطوارئ والكوارث الطبيعية، وتلك الناتجة عن الحروب الأهلية، بغضّ النظر عن الانتماء الديني أو الأصل العرقي.
ولا تزال المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وتوجيهاته، تضّطلع بدورها الرائد في دعم القضايا العربية والإسلامية ومؤازرتها في كل المحافل الدولية، ومدّ يد الغوث والمساعدات الإنسانيّة على نطاق العالم.
وضمن إطار المملكة ونهجها الوسطي وحثّها على الاعتدال والتسامح، برز جلياً دورها في التصدي للإرهاب على مختلف الصُعد محلياً وإقليمياً ودولياً، قولاً وعملاً. فعدا عن التصدّي العسكري والأمني الحازم، تصدت المملكة أيضاً للإرهاب، بالوسائل الفكرية والتثقيفيّة والإعلامية.
أما بخصوص علاقات الأخوّة والتعاضد بين المملكة ولبنان، التي أرسى قواعدها الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، فلطالما كانت نموذجاً يُحتذى في إقامة أطيب العلاقات وأكثرها نزاهة، وأشدها إنتاجاً لما فيه مصالح الشعبين الشقيقين، بعيداً عن مفاهيم النفوذ والهيمنة، وخارج كل دوائر التبعية أو التدخل في الشؤون الداخلية.
ولقد اختبر اللبنانيون، مصداقية العلاقات اللبنانية – السعودية، والتي تميزت على الدوام بالشفافية والمصارحة والانفتاح والتعاون لتحقيق الأهداف المشتركة، والعمل معاً من أجل قضايا الأمة.
وفي الملمّات، وما أكثرها للأسف في لبنان، كانت المملكة السبّاقة دائماً في نجدة الشقيق الصغير، ومساعدته على التغلب على أزماته، تاركة للبنانيين سلوك الطريق الذي يرونه مناسباً.
وهذا ما حصل في «مؤتمر الطائف» الذي انتهى إلى وضع الاتفاق التاريخي الذي أنهى الحروب العبثية، وفتح صفحة الحوار والوفاق بين أبناء الوطن الواحد، وصولاً إلى استعادة الأمن والسلم الأهلي في ظلال الميثاق الوطني الجديد.
وفي مسيرة إعادة الإعمار كانت مساعدات المملكة السخية تشق الأوتوسترادات، وتبني المدارس والمستشفيات، وتساهم في تحسين إدارة المرافق والخدمات.
وفي مواجهة الحروب الإسرائيلية الوحشية على القرى الآمنة وتدمير المرافق العامة، وقفت المملكة إلى جانب اللبنانيين، تدعم صمودهم، وتبلسم جراحهم، وتساهم في إعادة بناء ما يدمره العدوان الإسرائيلي الغاشم.
وأخيراً، لا بُدّ من إبداء الثناء، والتنويه ببرنامج التحوّل الوطني 2020 في المملكة العربية السعودية، القائم على مجموعة من الخطط والبرامج الطموحة التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل، وخفض الإنفاق العام، وتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص، وتقليص الاعتماد على إيرادات النفط في ظل تراجع أسعاره عالمياً، إضافة إلى التطوير والتحديث وإصلاح الثغرات في الاقتصاد والمجتمع، ومجابهة التحديات والصعوبات التي تواجه الجهات الحكومية في القطاعات الاقتصاديـة والتنموية المختلفة، وصولاً إلى تحقيق رؤية السعودية عام 2030، وما تطمح إليه من تنمية شاملة، وقفزة اقتصاديّة نوعيّة، تحاكي المكانة الدولية للمملكة في الاقتصاد العالمي، بعد أصبحت عضواً في قمّة العشرين، التي تقتصر على الدول الأكثر تطوراً في العالم.