«عودة الإبن الشاطر» (انجيل لوقا 15/ 11-32).
مرّ اسبوع استجداء «طاولة حوار» من اجل تلميع صورة عهدٍ انقضى من دون ان يستطيعَ الحفاظ على أيّ من مقومات الدولة والمؤسسات التي استلمها في العام 2016 لا بل أكثر من ذلك، فقد أصبح كلّ الشعب يتمنّى لو عاد به الزمن سنين الى الوراء لأنّ ما وصل اليه الوضع اليوم من انهيار وتحلّل لم يكن ليخطر ببال احد.
مرّ اسبوع الاستجداء وفي محصّلته وخلاصته موقفان بارزان:
1- موقف «رعديّ فوقيّ» كالعادة لرئيس كتلة نواب «حزب الله» من منبر قصر بعبدا، لم يتوانَ فيه عن استكمالِ استكبارِه واستكبارِ قيادات حزبه. فبعد إعلان أحدهم «هذا لبنان الذي نريد ويلّي مش عاجبو يفتش عن حلّ تاني» صرّح النائب محمد رعد، «هذا البلد هو بلدنا ونبقى نحن أسياد هذا البلد». بالطبع لم يقل لنا حضرة النائب بماذا يَصِف ويُصَنّف باقي اللبنانيّين، وبما أنّه ديمقراطي منفتح فقد ترك لنا حريّة الاستنتاج.
2- الموقف الثاني هو الصادر عن رئيس الجمهورية بعد إنهاء مشاوراته، فقد دعا الى «وقف المكابرة والموافقة على إجراء حوار صريح لنقرر مستقبلنا بأيدينا». وقد اكّد الرئيس «انّه ليس هو من يخلّ بالقَسَم وليس هو من يتراجع امام التحديات».
فخامة الرئيس، طرحتم على جدول طاولة الحوار البند الأصل، «الاستراتيحية الدفاعية تحت سلطة الشرعية والدستور». وكونكم لا تتراجعون أمام التحديّات، وكونكم قائداً سابقاً للجيش اللبناني، وكون الطرف المعني بالاستراتيجية الدفاعية متمسّكاً بترسانته الى منتهى الدهور او الى أن يطلب منه وليّ امره ووليّ سلاحه أن يعيد السلاح الى مصدّره لأنّ اللعبة انتهت، فلماذا طاولة حوار تضمّ جميع القوى غير المعنية طالما فريق واحد ربط نفسه بالخارج هو صاحب الحلّ والربط؟
حرام تضييع الوقت وتضييع البوصلة. حاوروا الحزب مباشرة واطلبوا منه العودة فوراً الى لبنان والى الدستور لأن لبنان مُلْك جميع أبنائه، ولا سيّد فوقه إلّا خالقه، وكلنّا خُدّام هذا الوطن وشعبه ومن يعتقد غير ذلك فهو واهمٌ واهم.
اللبنانيّون اليوم فريقان وخياران، فريق يضمّ الغالبية العظمى يخضع للدستور ولا يهاب إلّا الله، وفريق أقلّوي يخاف او يلهث وراء سلطويته، يخضع لـ»حزب الله». و»حزب الله» لا يخضع إلّا للجمهوريّة الاسلامية الايرانية.
اذا نجحتم في إعادة «حزب الله» الى لبنان بشروط الدستور والشرعية تكونوا قد ختمتم حياتكم السياسيّة وأنتم في القمّة، واذا فشلتم، يكون تحالفكم في مار مخايل قد أخرجكم من التاريخ.
بالأمس هلّل اللبنانيّون لعودة المُعطّلين، جزئياً، عن تعطيلهم عمل الحكومة بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر تكاثر فيها اليأس والبؤس وتكاثرت المصائب والمصاعب من غزوة عين الرمانة الى التدهور الاقتصادي المريع، وبهذا أثبت المعطّلون مرّة أخرى، أنّهم يجعلون من لبنان ساحة وملعباً لألاعيب ومفاوضات وحروب وطموحات توسّعية لدولة لا يربطها بنا وبتاريخنا أيّ رابط.
فهل تكون عودة «حزب الله» الى الحكومة تمهيداً لعودته الى الوطن كما عودة الابن الشاطر، الذي «شطر» ثروة والده شطرين وأخذ حصته من الميراث وبدّدها على طاولات المجون والعبث والقمار؟
قال الابن الشاطر لوالده عند عودته له، أخطأت الى السماء وامامك. أجاب والده لسائليه، إبني هذا كان ضالاً فَوُجِد.
هل سيقول الحزب أخطأت الى السماء والى لبنان، فيجيبه اللبنانيّون لقد وُجِدتَ من جديد، أم سيُكمِل بالمقامرة بمصير الوطن؟