إنتهت جلسة 14 حزيران بنتائجها المتوقعة. ولم تسجّل أي خروق مفصلية. وحصل مرشح «الثنائي الشيعي» رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية على 51 صوتاً، ونال مرشح تقاطع المعارضة و»التيار الوطني الحرّ» 59 صوتاً. وانتقل اللعب إلى مرحلة جديدة.
ما هو ثابت بعد هذه الجلسة، عدم قدرة «الثنائي الشيعي» على الوصول إلى عتبة الـ65 صوتاً من دون الكتل الكبيرة في المعارضة أو «التيار الوطني الحرّ». والواضح هو عدم بلوغ هذا الرقم بأخذ النواب بـ»المفرّق». وتُثبت الوقائع سقوط ترشيح فرنجية، فمن دون تأييد تكتّل «القوات اللبنانية» أو «التيار الوطني الحرّ»، لن يستطيع ترشيح فرنجية سلوك طريقه إلى بعبدا. فلا «القوات» ولا «التيار» بصدد إعادة التموضع لانتخاب فرنجية.
وإذا كانت الأرقام التي حصل عليها كل مرشّح متوقّعة، إلّا أنّ المفاجأة حصلت بتوحّد كتلة «الإعتدال الوطني» التي وصلت إلى 8 نواب بعد انضمام كل من النائبين عماد الحوت ونبيل بدر إليها.
وكانت كل الترجيحات تدل الى فرط عقد هذه الكتلة وإنقسامها عند أول إستحقاق جدّي مثل الجلسة الرئاسية الأخيرة. والأهم، كانت الحسابات تضع عدداً من النواب في عداد الذين سيصوّتون لفرنجية، وأبرزهم النائب العلوي عن عكّار أحمد رستم وزميله النائب وليد البعريني.
حافظت كتلة «الإعتدال الوطني» على ترابطها، وقد بلغت الضغوط ذروتها ليل الثلثاء – الأربعاء، وتركّزت على رستم، لكن الأخير لم يخضع للترغيب والترهيب الذي وصل إلى حدّ عرض مبالغ مالية كبيرة عليه، وفق المعلومات، لقاء التصويت لفرنجية، والتزم القرار الجامع وهو التصويت بشعار «لبنان الجديد».
ولم يصوّت إلا «الإعتدال» بهذا الشعار، لذلك أثبتت الأوراق الثماني التي كُتب عليها هذا الإسم وحدة التكتّل وعدم السماح لـ»الثنائي الشيعي» بخرقه.
إذاً، إنتهت الجلسة، لكن ماذا عن الغدّ؟ فالحسابات تبدّلت والبحث عن مرشح بديل سيكون مهمة التكتّل الجديدة. والأكيد بحسب أعضاء «الإعتدال» بُعدهم كل البُعد عن خيارات «حزب الله» وحركة «أمل»، أي لن يكونوا ضمن ذاك المحور ويدعمون مرشحه.
وفي نظر «الإعتدال»، يقود قوى المواجهة «حزب الله» من جهة 8 آذار و»القوات اللبنانية» من فريق المعارضة، وبالتالي يفترض البحث عن مرشح ثالث قادر على الجمع بين جميع الأفرقاء. وفي نظر «الإعتدال» أنهم أنقذوا بخيارهم الأخير البلد من مواجهة مسيحية – شيعية.
وانطلقت إتصالات نواب «الإعتدال» بالقوى المؤثرة التي يمكن التحدّث معها، وعلى رأسها قوى المعارضة، وهم لم يضعوا «فيتو» على الوزير أزعور وقد يمنحونه أصواتهم بعد درس مجريات المعركة، لكنهم يفضّلون خياراً ثالثاً، والثابت لديهم هو وجود إسم سيصوّتون له، وليس شعاراً، كما حصل في الجلسة الأخيرة. ويحتاج هذا الإسم إلى مزيد من الدرس والتشاور لكي ينضج. ويؤكّدون أنّ خطواتهم ستكون جديّة ويأملون في التوصل إلى رئيس في أقرب وقت ممكن.
8 نواب من تكتل «الإعتدال الوطني» يُصرّون على تماسكهم وعدم السماح بخرقهم، وهم يعملون لإختيار شخصية قادرة على إدارة المرحلة كما يجب، والمباشرة بالإصلاحات ووقف مسلسل الإنهيار. وفي السياسة يحرصون على أن تكون هذه الشخصية حريصة على علاقات لبنان مع المحيط العربي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.
لم يرنّ هاتف نواب «الإعتدال الوطني» كما لم يتلقّوا إتصالاً من الرياض أو الدول العربية لتوجيه بوصلتهم، فحسب ما يصرّحون، فإنّ الرياض لا تريد التدخّل في الزواريب اللبنانية وترفض جرّها إلى لعبة الأسماء، وتقول للنواب إنتخبوا من تشاؤون وتحمّلوا مسؤولية اختياركم، لكن من جهة ثانية، يتصرّف نواب «الإعتدال» وفق ما يرونه سياسة سعودية وعربية كبرى في المنطقة، فلا يريدون الخروج من العباءة العربية أو الإقدام على خطوة قد تُثير غضب الرياض مجدداً حتى لو لم تطلب الرياض منهم شيئاً.