لا سبيل الى نفي الخلاف الحاد بين وزير الدفاع الوطني العميد موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون. ليست الغاية من هذا الكلام الدخول في التفاصيل والأسباب الموجبة لهذا الخلاف الذي لا شك في أن أضراره تنعكس سلباً على المؤسسة الوطنية التي تكاد أن تكون الوحيدة التي لا تزال واقفة، بشكل أو بآخر، بالرغم من تداعيات الأزمات الكبيرة على البلد كلّه.
ولما كان الشيء بالشيء يُذكَر، فقد كنت شاهداّ على خلاف مماثل نشب، في مطلع تسعينات القرن الماضي، بين وزير الدفاع نائب رئيس الوزراء المرحوم ميشال المر وقائد الجيش العماد إميل لحود (رئيس الجمهورية لاحقاً) أمدّ الله في عمره… وإذا كان الخلاف بين هذا الثنائي مضرّاً في كل حين فقد كان ضرره، آنذاك، شديد الضرر، إذ كنّا في بداية عملية دمج الجيش الرائدة، بعد وقف الاقتتال في الحرب التي انطلقت عام 1975 ووضعت أوزارها باتفاق الطائف.
من خلال دوري الاستشاري مع الرئيس المرّ وعلاقة الصداقة بيننا وجدتُني مندفعاً لمبادرةٍ ما على أمل أن أوفّق في مسعى مصالحة بين تينك الشخصيتين الكبيرتين.
لم أستشر المرّ وتوجهت الى مكتب القائد الذي كان انتقل الى جناح شعبة المخابرات لأن جناح القيادة كان مدمّراً جراء قصفه، والقصر الجمهوري، من الطيران السوري في العملية ضدّ الجنرال ميشال عون.
لم أطلب موعداً من العماد لحود، وما إن أُعلِم بحضوري حتى استقبلني على الفور عند الباب الخارجي للمكتب، وبعد التعارف عن قرب وضعته في أجواء مهمتي فوافق على الفور (…). ثم انتقلت الى مكتب الرئيس المر وقلت له: لم أستأذنك بما قمتُ به. وأطلعته على ما دار بيني وبين الجنرال لحود والحيثيات(…) وبدوره وافق. وعدت الى القائد واتفقنا على أن يقوم بزيارة الوزير وتفصل بين مكتبيهما أمتار معدودة. وفي الموعد المحدّد كنت أقف الى جانب الرئيس المر ومعنا رئيس الغرفة العسكرية العميد الصديق درويش حبيقة وأركان الوزارة في استقبال العماد لحود وتبادل الرجلان المصافحة الحارة، وعُقد بينهما اجتماع في مكتب المر بحضوري، بعد أن اطمأن القائد الى قول الوزير عنّي: «مش بس مستشار، هو أيضاً كاتم أسرار». وفي اليوم التالي أقنعت الوزير بأن يردّ الزيارة للقائد. وهكذا كان.
من يومها أطلق الرئيس إميل لحود عليّ تسمية الوسيط الدولي «برنادوت»، فعقّبت قائلاً: انشالله ما يصير مصيري كمصير «الكونت».