لم يكن احد يتوقع ان تتخذ جلسة مجلس الوزراء الاخيرة المنحى الذي اتخذته، مع خروج الرئيس سلام بصورته الجديدة والحازمة، التي فاجأت الجميع، فسبق في انفجاره، بعد طول صبر، انفجار الرابية الذي بشر به العماد عون عاجلا لا آجلا، بعد طول انتظار، حيث يبدو المشهد السياسي مفتوحاً على المزيد من السلبية في ظل ما أفرزته الجلسة الحكومية التي شهدت سجالات حادة نقلت الأزمة من الاصرار على التعيينات، الى الصراع حول آلية العمل، التي رسمت واقعا مختلفا عن سائر الحقبات السابقة، ومرشحاً على ما يبدو لمزيد من التصعيد.
رد الرئيس سلام لم يتأخر تقول مصادر وزارية، رغم التهديد والوعيد بالانفجار الصادر عن الرابية، مسقطا كل الرهانات على «عطلة قسرية» تمتد الى ما بعد عيد الفطر لتبريد الاجواء وافساح المجال امام الوساطات والاتصالات، بعد ما شهدته جلسة الخميس من وضع للنقاط على الحروف مظهرة ميزان قوى حكومياً جديداً، لم تغب عن رسمه اللهجة الحادة التي توجه بها الوزير مشنوق الى زملائه العونيين، فيما لا يبدو في واجهة المشهد السياسي حتى الساعة ما يوحي بأن اي طرف سياسي، لا سيما في فريق الثامن من اذار، مستعد لمجاراة الرابية في مغامرة الاطاحة بالحكومة امر يراهن عليه فريق رئيس الحكومة، اذ ان حزب الله تؤكد المصادر متمسك اكثر من غيره بالحكومة كونها ضرورية للاستقرار الداخلي، ولتغطيتها السياسية ولو بالاكراه، لقتاله في سوريا، وهو ما سيؤكد عليه امينه العام في اطلالته الجمعة المقبل على خلفية ما شهدته جلسة الحوار الاخيرة بين الحزب والمستقبل، بعد ما حصل في السعديات، مؤكدة ان رأس حربة المواجهة في الحرب السلامية – العونية، هو الرئيس نبيه بري، الذي وان اضطر الى مجاراة عون في رده على «التسديدة السلامية»، لن ينزع غطاءه الميثاقي عن اي جلسة حكومية، كاشفة ان عدم تمرير مرسوم الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، بفعل موقف وزراء اللقاء التشاوري الذين تريثوا مطالبين بضمانات، حصل على تعهد واضح وقاطع بتمرير الدورة الاستثنائية في الجلسة المقبلة، بعد تصحيح المخالفة في المرسوم الذي اتى مخالفا للمادة 33 من الدستور في صيغته الموزعة. علما ان الخطر على هذا الصعيد، ما اشاعته اوساط عونية حول ان مرسوم الدعوة إلى دورة استثنائية للمجلس النيابي لم يطرح بالشكل الذي قيل عنه، ولم يحظَ بالنصف زائداً واحداً من الأصوات، حيث اقتصر الامر «على تجوال وزير يتيم في أروقة السراي، ساعيا من دون نتيجة إلى جميع التواقيع، في تصرف يمهد إلى تسديد لكمة جديدة إلى الرئاسة المفقودة»، في غمز واضح من قناة الرئيس بري.
ورغم ان الرابية لم تكشف علانية بعد عن برنامج تحركها، الا ان المعطيات المسربة تفيد ان العماد عون قرر فتح كل الجبهات على الحكومة وافرقائها دفعة واحدة، عبر مسار مزدوج، سياسي عبر وزرائه ونوابه، وشعبي عبر تحركات في الشارع، متوعدا الذين راهنوا على ضعف شعبيته بأنهم سيرون ما قد يفاجئهم، وصولا الى مشاركة جهات لطالما عارضته في الماضي، بحسب مصادر عونية، غامزة في هذا المجال من قناة القوات اللبنانية في الاختبار الاول لاعلان النيات الذي اكد على استعادة حقوق المسيحيين، مؤكدة ان الخطة المرسومة بدقة بوشر تنفيذها منذ الامس، عبر حملة مركزة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اطلقت مجموعة من الشعارات و«الهاشتاغات»،استعادت اللهجة التي كانت في زمن مقاومة الاحتلال السوري، باشراف مباشر من «الجنرال»، الذي اراد من خلال مشاركة لجنة قطاع الشباب، باجتماع تكتل التغيير والاصلاح الاخير، ايصال رسالة واضحة لمدى جدية قرار تحريك الشارع، رغم ان اشارة الانطلاق ستكون الخميس المقبل موعد الجلسة الجديدة للحكومة، او بأحسن الاحوال صدور مرسوم الـ21 مليون دولار، كاشفة ان القوة الضاربة ستكون «اوميغا تيم» المدرب جيدا على نوعية العمل المطلوب لجهة سرعة وسرية تحركه بمجموعة متوسطة العدد، رغم عدم اخفائها ان الاهداف ستكون مرافق عامة ومؤسسات ومقاراً نوعية.
تماما كما لم يعد ما بعد الثاني من حزيران كما قبله، مع اتفاق الجنرال والحكيم، كذلك لن يكون ما بعد الثاني من تموز كما قبله. هذا ما يراه العونيون على الاقل، ذلك ان حدود المواجهة السياسية لا تبدو مرسومة حتى الساعة.»الجنرال مصر على الذهاب الى النهاية، وتمام بيك ليس في صدد الرضوخ للسياسة العونية وفق ما تبين من خطوة دعوته مجلس الوزراء للانعقاد. فهل تحرج القوات وتسير في الركب العوني؟ وهل يعيد وزراء سليمان الاعتبار الى اتفاق المقايضة المبرم بين رئيسي المجلس والحكومة؟ والى اي حد سيذهب العماد عون في مواجهته؟ فهل يبقى البلد أسير التباينات؟