تستمرّ كتلة “الإعتدال الوطني” في “التسويق” لمباردتها الرئاسية، إذ وجدت فيها أنّها تمكّنت من كسر الجمود القاتل للشغور الرئاسي المستمر منذ أواخر تشرين الأول 2022. واليوم هي في انتظار الأجوبة النهائية من “حزب الله” ومن بعض الحلفاء مثل كتلة “تيّار المردة”، أو “التكتّل الوطني المستقلّ” (الذي يضمّ النوّاب طوني فرنجية، وليام طوق، وميشال المرّ)، وتكتّل “التوافق الوطني” الذي يضمّ النوّاب فيصل كرامي وطه ناجي وعدنان طرابلسي ومحمد يحيى وحسن مراد، لكي تنطلق في جولتها الثانية للبحث في “شكل” هذه المبادرة. على أن تلتقي اليوم السبت رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لتختتم الجولة الأولى التي بدأتها من عنده أيضاً، والتقت خلالها جميع الكتل النيابية، بهدف إطلاعه على كلّ ما جمعته من أفكار وملاحظات ومناقشة الأمور الشكلية تحضيراً لانطلاق الخطوة الثانية.
تقول مصادر سياسية مطّلعة على مبادرة كتلة “الإعتدال” بانّها متفائلة في التوصّل الى نتيجة ايجابية، خصوصاً وأنّ ما جرى التداول به في الإعلام عن سقوطها لعدم موافقة برّي عليها، قد جرى توضيحه. فقد انتهت الجولة الأولى ويتمّ التأسيس للجولة الثانية، من عين التينة ومن لقاء برّي كونه يملك مفتاح مجلس النواب، ودعوة المجلس وقراره بحضور كتلته السياسية وبدعمها لهذه المبادرة. فأساس نجاح هذه المبادرة هي موافقة الكتل النيابية عليها، ودعمها لا سيما من قبل جناحيها أي كتلة برّي من جهة، وأكبر كتلتين مسيحيتين اي “التيّار الوطني الحرّ”، و”القوّات اللبنانية” من جهة ثانية. فضلاً عن بقية الكتل مثل كتلة جنبلاط والنواب المستقلين وكتلتي الثورة والتغيير و”تجدّد” و”الكتائب اللبنانية”.
فالجولة الأولى، على ما أوضحت، ناقشت مضمون المبادرة الرئاسية، وإذا كان هناك من إمكانية لعقد لقاء تشاوري والإلتزام بالنصاب القانوني أي بـ 86 صوتاً، من دون الخوض في التفاصيل المتعلّقة بالشكل، إذ لم يرغب أعضاء كتلة “الإعتدال” من فرض أي أمر على الكتل النيابية، إنّما التباحث معها حول مكان اللقاء، أكان في الطابق العلوي أو السفلي في مجلس النوّاب، ومن يرأسه، النائب الأكبر سنّاً أو نائب رئيس المجلس النائب الياس بو صعب، أو يُمكن عقده من دون رئيس، على أن يقوم أمين سرّ الكتلة بتدوين الملاحظات، وغير ذلك من أمور لم تكن حاسمة لعدم إفشال المبادرة.
ولهذا حصل التباس، فما أعلنه الوزير علي حسن خليل، ومن ثمّ برّي استدعى الإجتماع به مجدّداً، لأخذ ملاحظاته الشكلية عليها، وهي ملاحظات منطقية ومحقّة، وفق المصادر نفسها، وليست تعجيزية، ما يعني أنّ برّي ليس مقفلاً على الحوار والتشاور ولا على المبادرة بل يدعمها وهو متعاون الى أقصى درجة لحلّ أي تعثّر فيها. ويُفترض أن يتمّ بحثها في الجولة الثانية التي لم يتحدّد موعدها بعد في انتظار الحصول على الردود النهائية لحزب الله والحلفاء، ومع الأخذ بالإعتبار بدء شهر رمضان في 10 الجاري.
وتجد المصادر نفسها بأنّ المبادرة لاقت ترحيباً واسعاً من كتل نيابية عدّة، لما عرضته من مضمون وهو يتمثّل بأمرين أساسيين هما: يوم للتشاور بأسماء المرشّحين للرئاسة، ومن ثمّ الذهاب الى جلسة بدورات متتالية. على أن يتمّ الإلتزام بالنصاب القانوني المتمثّل بـ 86 صوتاً، وعدم انسحاب أي كتلة من الجلسة لأي سبب كان لعدم تكرار ما جرى خلال جلسات الإنتخاب الـ 12 الماضية. ويتمّ بالتالي إختيار أسماء المرشّحين من دون أن يكون هناك “فيتو” على أي إسم. فإذا جرى التوافق على إسم معيّن يتمّ الذهاب به الى الجلسة لانتخابه، وإذا لم يحصل ذلك، فإنّ التوافق يكون على إسمين أو ثلاثة أو أربعة مرشّحين يتنافسون في المجلس، ويفوز بالرئاسة من يحصل على أصوات النصف زائد واحد أو أكثر..
وعمّا تنتظر كتلة “الإعتدال” من أجوبة نهائية لا سيما من “حزب الله” ومن كتلة “المردة”، أكّدت أنه خلال لقاء أعضاء الكتلة بنوّاب كتلة “الوفاء للمقاومة” لم يُطلب من الحزب سحب مرشّحه رئيس “تيّار المردة” الوزير السابق سليمان فرنجية، ولا الذهاب الى إسم توافقي وسطي، إنّما على اللقاء للتشاور بإسم أو أكثر. ما يعني أنّ الأحزاب والكتل يحقّ لها الإبقاء على أسماء مرشّحيها أو تغييرهم إذا ما ارتأت ذلك. وبعد التشاور يتمّ الذهاب الى الجلسة لانتخاب الرئيس في دورات متتالية أولى وثانية وثالثة ورابعة لفتح المجال أمام جميع الأحزاب السياسية للمجيء الى الطاولة بعد الفشل في انتخاب الرئيس، والإقرار بضروة التوافق مع عدم حصول أي من المرشّحين على الأصوات المطلوبة. ما يعني العودة الى ما يُعرف بالوحدة الوطنية حول تسمية رئيس الجمهورية.
من هنا، فالأبواب لا تزال مفتوحة أمام جميع الكتل النيابية لعرض أفكارها، ولم تصل المبادرة الى الحائط المسدود، على ما أكّدت المصادر عينها، لا بلّ ثمّة تفاؤل بمساندة ومتابعة برّي لها. علماً بأنّها لا تزال في أسبوعها الأول، وقد أثنى عليها “التيّار” وأيّدها الى حدّ التبنّي، ورحّبت بها “القوّات” في حين أنّ “الكتائب” أعلنت في الإعلام عن أنّها تريد “ضمانات”، وعن أنّها “مبادرة ناقصة”.. ولا تزال بحاجة الى الوقت لبلورتها من حيث الشكل، ولردّ “حزب الله” عليها الذي لديه هواجس، ويحتاج الى الوقت لدراستها عطفاً على الأجوبة التي تلقّاها من أعضاء الكتلة على تساؤلاته.
من جهة ثانية، ترى بأنّ بحث “اللجنة الخماسية” بشكل علني تأييد المبادرة وآليتها، كونها لم تدخل في الأسماء والمواصفات، هو أمر مشجّع لكتلة “الإعتدال” على متابعة الإتصالات والمشاورات والقيام بالجولة الثانية المرتقبة في أسرع وقت ممكن.