كيف ستتجاوز «تسوية الترقيات» رفض «14 آذار»؟
«التيار الوطني» و«المستقبل».. والعلاقة المحكومة باللاثقة!
أسبوع حاسم امام «تسوية الترقيات» من الآن وحتى 15 تشرين الاول الجاري، تاريخ احالة العميد شامل روكز على التقاعد.
الأمر الحقيقي والجدي في ما يحيط بهذه التسوية، هو ان الوقت يمر، ومرسوم احالة روكز على التقاعد، يفترض ان يكون قد أعد، كإجراء طبيعي يفترض ان يتم قبل شهر من تاريخ التسريح من الخدمة. لكن حالة الصعود والهبوط التي تتحكم بتسوية الترقيات، لم ترسُ على تفاهم حول اي من الافكار المطروحة، ولا تشي حتى الآن، بغير نفاذ المرسوم في 15 تشرين الجاري. ومع النفاذ تنطوي صفحة التسوية، لتفتح صفحة أخرى مجهولة المعالم في السياسة وفي غيرها.
مع ذلك، يقول احد الطباخين المتحمسين للتسوية ان الوقت لم ينفذ بعد، والاسبوع الفاصل عن موعد تقاعد روكز لم ينتهِ بعد، وسلة الافكار لم تنضب بعد، وقد ينبعث الدخان الابيض من مدخنة التسوية في ربع الساعة الاخير. ولكن هناك من يسأل: «قبل الحديث عن تلك السلة وما اذا كانت حبلى بالمخارج والافكار، ما هو الموقف الحقيقي لفريق 14 آذار من هذه التسوية؟ وبشكل أدق ما هو موقف هذا الفريق من ترفيع العميد روكز الى لواء؟».
لم يُخفِ هذا الفريق موقفه من التسوية وترفيع روكز، فلقد صرّح أكثر من مرة، وعبر مكوناته كلها، انه يرفض اعطاء جوائز ترضية للعماد عون سواء في قيادة الجيش او في غيرها من المواقع العسكرية. وفي تفصيل اكثر، فإن «القوات اللبنانية» ابلغت رفضها لبعض المراجع، وكذلك فعل حزب «الكتائب»، وايضا مسيحيو «14 آذار» ومعهم ميشال سليمان الذي سمح له امتلاكه ثلاثة وزراء في حكومة سلام أن يتصرف بكيدية سياسية مع عون.
حتى أن من هؤلاء من عارض نصائح بعض السفراء بإعطاء عون شيئا لكي «يروق»، على حد تعبير مروان حمادة، بما يسمح بشراء فترة استقرار وتفعيل للحكومة وانتاجية لمجلس الوزراء.. لكن، يسأل احد القياديين البارزين في «14 آذار»، «كم من الوقت سنشتري؟ وما الذي يمنع عون من وضع شروط أخرى بعد تلبية مراده اليوم؟ وهل سنبقى نلبي رغبات ميشال عون وأصهرته أسبوعا بعد أسبوع؟».
وعلى أهمية الموقف الاعتراضي لمسيحيي «14 آذار» على «تسوية روكز»، الا انه يبقى بلا فعالية من دون رفده بدعم تيار «المستقبل» الذي تؤكد الوقائع والمؤشرات والأداء انه لا يبدو متحمسا لتلك التسوية، الا اذا ثبت العكس في الايام المقبلة، وهذا يبدو غير منظور حتى الآن للاسباب التالية:
اولا، وصول العلاقة بين تيار «المستقبل» و «التيار الوطني الحر» الى «لحظة الحقيقة»، وقناعة «المستقبل» بأن علاقته مع عون وتياره، لم تعد تحتمل اي رهان ايجابي يُبنى عليه في المستقبل القريب، وكذلك القناعة بأن لا امكانية لاعادة بث الروح في العلاقة مع «التيار الوطني»، بعد صدمة الحوار الفاشل بين سعد الحريري وعون، وبعد العمليات الدؤوبة التي اتبعها «المستقبل» لتهشيم صورة عون ومعنوياته ومحاولة ادخاله في بازارات ومقايضات غير جدية، كالمعادلة الشهيرة: سمير شحادة او عماد عثمان لمديرية الامن الداخلي، وشامل روكز لقيادة الجيش.
ثانيا، ما يجمع التيارين الازرق والبرتقالي اليوم، هو «اللاثقة» ببعضهما البعض، وكلاهما يقف خلف متراسه مع جهوزية كاملة للاشتباك في اي لحظة، وخير مثال اشتباك لجنة الاشغال بما تخلله من تقاذف بالشتائم وافصاح عن المكنونات، بالتوازي مع محاولة تيار «المستقبل» للاستثمار على اي «سوء للتفاهم» يحصل من حين الى آخر بين عون والرئيس نبيه بري، والسعي الدؤوب الى توسيع الشرخ والشقوق في علاقة بري وعون.
ثالثا، المنطق الغالب في «المستقبل» ان عون هو عدو كل الملفات الداخلية كلها بالنسبة للتيار الازرق. وهنا لا ينسى «الابراء المستحيل» الذي يضعه عون على الرف في انتظار لحظة إشهاره مجددا في وجه «المستقبل».
رابعا، تبين ان الهدف الاساس الذي سعى «المستقبل» لتحقيقه من عون، هو فك عرى التحالف بينه وبين «حزب الله»، بالتوازي مع ثابتة راسخة لدى التيار الازرق بأن ما يمكن أن يقدم لعون، أيا كان حجمه او ماهيته، وكأنه يقدم بطريقة غير مباشرة لـ «حزب الله». من هنا يرفض «المستقبل» ان يحقق عون أي مكسب سياسي او غير سياسي، لأنه في النهاية مكسب لـ «حزب الله». ولذلك ممنوع على عون ان يعبر الى السلطة، او الى قيادة الجيش او الى رئاسة الجمهورية.. او الى اية جوائز ترضية اخرى. وعلى مدار الساعة يعبّر فؤاد السنيورة عن هذا المنع.
ثامنا، هناك «السبب الجوهري»، وهو ان تيار «المستقبل» تائه سياسياً، لا يمتلك قرارا او موقفا حاسما، فالسعودية غارقة في مستنقع اليمن، وليس عليه، في زمن الغرق هذا، المعطوف على التطور الروسي في سوريا، سوى محاولة قتل الوقت او شرائه في انتظار تحسن الظروف السعودية التي من شأنها، وحدها، ان تحدد المسار الذي يجب ان يسلكه لبنانيا.