محرر “الوكالة الوطنية للإعلام”، الذي وقَع في ما سمَّته مؤسسته “زلَّة” اتهام السيد علي الأمين بالعمالة لإسرائيل، قد يكون آخر من يُلام في هذا الإرتكاب.
فالمنظومة الفاسدة التي تحكم لبنان، لم تكتفِ بنهب أموال الشعب بل امتدت أصابعها الى كل مؤسسات الدولة حيث زَرعت أزلاماً وأغبياء يعتبرون أنفسهم موظفين لدى من أتى بهم، وهيأت أجواء تتيح تعميم قناعات سياسية وايديولوجية للهيمنة على خطاب الدولة وسائر الناس.
منذ أشهر نسيت “الوكالة الوطنية” انها جزء من “الإعلام العام” وأن موظفيها والمتعاملين معها يقبضون رواتبهم ومكافآتهم، مستحقةً أو غير مستحقة، من ضرائب كل المواطنين وليس فقط المنتمين الى “الخط” الشهير. وبدل ان تسير على “الصراط المستقيم” أي ان تمارس الموضوعية تحت سقف القانون والدستور، إرتضت ان تكون أداة عمياء للسلطة أو لبعضها، ذلك ان مَن عيَّنَه الضغط السياسي والمحاصصة لا يملك الحصانة الذاتية، لتأكيد استقلاليته ومهنيته وممارسة دوره كموظف عند الدولة وليس عند تياره او حزبِِ أو نظام.
لا يحق للوكالة، تحت أي ظرف كان، الخفةَ والتسرع والانحياز خصوصاً حين يتعلق الأمر باتهام اي شخص بالتعامل مع اسرائيل، فكيف إذا تناولت التهمة سيداً هو أبعد ما يكون عن تلك الادعاءات والتخرصات؟
“تعتذر الوكالة”… ما شاء الله. لكن قيمة الاعتذار لا تساوي الحبر الذي كتب فيه بعدما صار الخبر على كل شفة ولسان، وروَّجه المُغرضون على كل وسائط التواصل وفَرضَ نفسه على الشاشات. أما السؤال فهو: ماذا بعد الاعتذار، ومن يتحمل مسؤولية الجريمة التي طاولت الشخص وعمامته وسيرته، أليس هناك من أثمان؟
لا تستطيع وزيرة الاعلام المسؤولة معنوياً وإدارياً عن “الوكالة الوطنية” الاكتفاء باعتذار الوكالة على أساس “كفى الله المؤمنين…”، فهي بشخصها وموقعها تتحمل المسؤولية السياسية على وجه الخصوص. موظفو الوكالة مسؤولون لكن الوزيرة مَدينة للبنانيين باعتذار صريح، سيما ان الاساءة غير منفصلة عن المنحى البوليسي وعن انتهاكات حريات المعارضين للسلطة والمنظومة على السواء.
وزيرة العدل بدورها مسؤولة عن نيابات عامة تفقد كل فترة واجب الحياد والمصداقية بانزلاقها الى تبني تلفيقات. وهي، وإن عرقلت التشكيلات لأسباب سياسية لا تليق بها، تستطيع ان تفرضَ وجودها وتحكيم ضميرها في هذا الاطار. فنحن نأبى ان يَصْدُقَ في وزارة العدل ما قد يصدق في وزارة الاعلام: “وكالة من غير بوَّاب”!