لا يزال ما قاله الرئيس سعد الحريري حول الجيش موضع اهتمام وتقدير وطني شامل لأهمية هذا الكلام وتركيزه على الدعم المطلق للجيش والرفض القاطع للدعوات المشبوهة الى الإنشقاق عنه وذلك انطلاقاً من أنّ أهل السُنّة في لبنان هم في أساس تكوين هذا الوطن واستقلاله.
ولم يكن من كلام أكثر وضوحاً في توقيت مهم، إذ جاء إثر أحداث طرابلس.
وتميّز سعد بالصراحة الكاملة التي لا لبس فيها ولا إبهام.
وهذا الموقف الذي صدر عن أكبر زعيم سنّي في لبنان لا يمكن أن يؤخذ إلاّ بالشمولية، ذلك أنّ ما حدث في طرابلس يأمل السُنّة أن يحدث في المناطق اللبنانية كلها، حيث تقتضي الضرورة… فلا تكون في لبنان منطقة خارجة على السلطة بأمنها الذاتي كما هو حاصل فعلاً في مربعات «حزب الله» الأمنية التي تشبه الدويلة.
وإذا تأملنا في الوقائع يتيّـن لنا أنّ أكثرية شهداء الجيش هم من الطائفة السنّية… فموقف الرئيس سعد الحريري لا ينبثق من فراغ إنّـما هو تأكيد آخر على أنّ المسلم السنّي الحقيقي هو ضد التطرّف في المطلق، وأنّه فعلاً في أساس تكوين لبنان واستقلاله (فهل نذكّر بالثنائية السنّية المارونية التي انبثق الإستقلال والميثاق الوطني من التفاهم بين قطبيها الشيخ بشارة الخوري ورياض بك الصلح؟).
وليت كلام نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم حول ضرورة المشاركة… ليته يتقصّد المشاركة الشاملة، بالقرار الوطني خصوصاً، بدءاً بانتخابات رئاسة الجمهورية، ثم بالانتخابات النيابية، ومن ثم بالاستراتيجية الدفاعية، وكذلك بالإنسحاب من سوريا، وأن يكون «حزب الله» فرقة من الجيش اللبناني تحت قيادة لبنانية وليس تحت قيادة الولي الفقيه.
هكذا تكون المشاركة… أمّا أن يكون الحزب يقيم أمنه الذاتي، ويقتني سلاحه الذاتي، وينشئ اقتصاده الذاتي ثم يشارك سائر أطياف الوطن في الشأن الوطني بل ويهيمن (بقوة السلاح) على الشأن الوطني فهذه ليست مشاركة.
وفي تقديرنا أنّ المجال لا يزال متسعاً أمام خطوة تاريخية يتخذها الحزب فيعود الى أفياء الوطن، لتعود اللحمة الوطنية والتماسك الوطني في ضوء المعطيات التي حفل بها كلام سعد الحريري.