في معرض قراءته لمجريات الأيام القليلة الماضية، رأى مصدر نيابي في تكتّل «التغيير والإصلاح»، أن حالة الإعتراض الشعبية الواسعة مشروعة ومبرّرة، خاصة وأن الأزمة التي أطلقتها، وهي أزمة النفايات، ليست مستجدّة، بل على العكس فهي مزمنة، وقد فشلت الحكومة في تسويتها، واختارت السبيل الأسهل في مقاربتها من خلال الإبقاء على معادلة المحاصصة والهدر، بعيداً عن أي وسيلة عملية تفسح المجال أمام تسوية هذه الأزمة بالطرق العلمية المتاحة، وذلك بعيداً عن أي استثمار سياسي من قبل كل الأطراف التي تتبرّأ اليوم من هذه الأزمة. وأكد أن ما من سبب داخلي أو إقليمي يحول دون الحلّ الذي كان من الواجب اعتماده منذ أشهر وقبل السابع عشر من تموز الماضي، الموعد الذي قرّرته الحكومة لإغلاق مطمر الناعمة. ولاحظ المصدر نفسه، أن السيناريو الذي أعدّ بإتقان لابتزاز المواطنين من خلال تراكم النفايات في الشوارع، قد سقط في الشارع أولاً قبل أن يسقط على طاولة مجلس الوزراء ثانياً.
وفي هذا الإطار، فإن الحملة الإعتراضية القوية، والتي تبدو مختلفة هذه المرة عن كل المرّات السابقة، تنذر، وبحسب المصدر النيابي ذاته، بالتحوّل إلى تيار جارف قد يقضي على كل الحواجز، كما قضى على الجدار الإسمنتي الذي أزيل بعد ساعات على إقامته مقابل السراي الحكومي في رياض الصلح. لكنه اعتبر أن العناوين المرفوعة على هامش أزمة النفايات تبدو صعبة التنفيذ، لا سيما بالنسبة للعنوان الكبير المتجلّي بإسقاط الحكومة. وأضاف أن عنوان أزمة النفايات معروف وواضح ويتحقّق سريعاً على مستوى البلديات، مشيراً الى أنه ما من مبرّرات واضحة للتأخير الذي حصل والذي أدّى إلى الإنفجار في الشارع، إلا أن المسؤولين أصـرّوا على الإبقاء على المحاصصة في هذا الملف.
وإذ لفت المصدر النيابي، إلى أن تعقيدات عديدة تحول دون معالجة كل ما يطالب به الحراك المدني المحتدم في وسط العاصمة، أكد أن مشاكل الحكومة الداخلية تحول دون قدرتها على التجاوب مع أي من الشعارات المرفوعة. وأضاف أن العقدة الداخلية المرتبطة بآلية العمل الوزاري هي الأساس في الإختبار الذي تواجهه حكومة «المصلحة الوطنية»، وذلك بعدما انقلب المناخ التوافقي داخل مجلس الوزراء إلى مناخ كيدي تسوده المناكفة بسبب إصرار فريق فيها على استهداف فريق آخر والتصويب عليه تحت عنوان «الإقصاء»، وذلك بهدف استمرار نهج المحاصصة، وتحقيق المصالح الخاصة والضيقة.
واعتبر المصدر النيابي في تكتّل «التغيير والإصلاح» أن غالبية القيادات، وخصوصاً المسيحية منها، وعلى اختلاف انتماءاتهم السياسية، ترفض هذا النهج الإقصائي المعتمد تجاه «التيار الوطني الحر»، وبالتالي، فإن التوافق ضروري كي تستعيد الحكومة طريقة عملها السابقة التي أدّت إلى إدارة البلاد في مرحلة الشغور الرئاسي وقبله، وذلك بعدما انتقلت إليها صلاحيات رئيس الجمهورية بالوكالة.
من هنا، فإن اعتماد مبدأ الشراكة الوطنية، يبدو المعبر الإلزامي للوصول إلى حلّ مناسب للأزمة التي اندلعت في الجلسة الأخيرة، حيث ما من مجال للتعاطي مع المطالب الشعبية الناجمة عن الحالة المتردّية، إلا من خلال تطبيق الدستور والإبتعاد عن أي محاولات إقصاء واستهداف تلغي هذه الشراكة، وتجعل من طاولة مجلس الوزراء ساحة للخلافات والسجالات بما يمعن في تعميق الأزمة العامة وزيادة منسوب التوتّر في الشارع، ويوصل الجميع إلى حائط مسدود كما هي الحال اليوم.