Site icon IMLebanon

الأغاني الوطنية… تهزّ عروش “هزّت منازلنا” و”أضرب والريح تصيح”

 

“سيّجنا لبنان”، “لازم تعرف يا محتل” و”يا سيف على الاعدا طايل”… لطالما كانت كلمات هذه الأغاني كافية لرفع “الدلتا” وعلامة “الصح” وإشارة “النصر”، وغيرها، في هواء الملاهي الليلية، من قبل الشباب الحزبيين. ولكن منذ ثورة “17 تشرين” تبدلت هذه المشهدية، وتغيرت أجواء السهر في غالبية الأماكن. وبعد كل الاتهامات التي طالت طريقة انتفاضة “الثوار” في الشارع، حان وقت أن نسألهم: هل جرفتهم الثورة بتفاصيلها، أو أنهم “فصلوها” على مقياسهم؟

كثرت الاتهامات التي طالت الثوار في الشارع، وخصوصاً بعد حضور عدد من الفنانين وتقديمهم الأغاني الوطنية والثورية في الساحات. مع الاشارة، الى أنّ هؤلاء كانوا من دون عمل إثر اغلاق معظم أماكن السهر أبوابها، فأخذوا على عاتقهم، تقديم الاجواء الفنية الثورية (مجاناً). فهل كان شباب وشابات الثورة يثورون أو “يسهرون”؟ “نداء الوطن” استطلعت آراء عينة من “السهّيرة”.

 

روي، (27 سنة) يقول “أنا من محبي السهر، ولا يمر أسبوع من دون أن أقصد واحداً أو أكثر من الـ”pubs” والملاهي الليلية في لبنان. ولكن خففت هذه العادة منذ اشهر عدّة بسبب الضائقة الاقتصادية. وفي خلال تسكير الطرقات، كنت اول من تحرك مع الثوار للاحتجاج. وأنا لا أنكر أني كنت أثور، وأستمع الى الموسيقى في الوقت نفسه، وأرقص “الدبكة”. وحتّى أنّ أجواء الثورة كانت أفضل بكثير من أجواء أماكن السهر. أين المشكلة؟ ثورة “17 تشرين” تعبر عنّا نحن الشباب، وهذه هي طريقتنا بالـ”الثورة”.

 

الثورة ليست ملهى

 

“ثورة، ثورة، ثورة”، يمكن أن يكون البعض قد سمعها “سهرة، سهرة، سهرة”، وبدأ يراشقنا نحن الثوار بالاتهامات، التي تشبهه. شخصياً، كنت اشارك يومياً في تسكير الطرقات والاحتجاج وتبادل الآراء ووجهات النظر مع الموجودين، تقول رشا ( 24 سنة) مضيفة “وفي الوقت نفسه كانت الاغاني الوطنية تزودني بالحماس المطلوب. فكرة “السهر” ليست من أولوياتي، حتى بعد فتح الطرقات، فنحن مستمرون بالعمل على كل ما يفيد وطننا لبنان”.

 

“في أيام الثورة وتسكير الطرقات، لم افكر اصلاً بالذهاب الى اي مكان سوى ساحة الاحتجاج في منطقتي، والتقيت في هذه الثورة بكل رفاقي من المدرسة والجامعة. تزامناً، طردت من عملي، وكثفت نزولي الى الساحات، من الصباح الباكر حتّى منتصف الليل. ولم أكن “اسهر”، أو اهتم للفنانين في المكان، بل كنت “أثور” فقط، وفي الوقت نفسه لم يعجبني الناس الذين كانوا يأتون ليلاً وتنتهي مشاركتهم مع انتهاء الاجواء الموسيقية، وكأنّهم يقصدون ملهى ليلياً”. أما عبير ( 28 سنة) فلها رأي متمايز: “ثورة وسهرة، أغلقنا الطريق ونحن نرقص. فهل يوجد “بروتوكول” للثورة؟ رقصنا وشربنا القليل من البيرة، وصلينا مسبحة الوردية، ورنمنا للقديس شربل”.

 

أول مرة…

 

يارا ( 18 سنة ) كشفت لـ “نداء الوطن” انها المرة الاولى التي تشارك فيها بأي تحرك. “أحببتُ جو الثورة كثيراً، فتمكنت من التعبير عن نفسي والمطالبة بحقوقي، وكنت اشارك في هذا الحراك في ساعات النهار فقط. والسبت الماضي كان اليوم الاول الذي فتحت فيها محلات السهر، وقصدت أحد الملاهي، حيث استمتعت مع رفاقي بجو رائع من الاغاني الوطنية التي سيطرت على السهرة، وكان ملفتاً أنّ رفاقي امتنعوا عن القيام بالاشارات الحزبية على هذه الاغاني، عكس أيام ما قبل الثورة. حتّى أنا “خجلت” من رفع شعاري الحزبي، وشعرت أني سأبدو سخيفة ولا سيما بعد مشاركتي بثورة “17 تشرين”.

 

ماريو( 24 سنة) بخلاف يارا ليس من محبي السهر، “لم اتوجه الى الشارع سوى للمطالبة بحقوقي. أحرقنا الاطارات، فاتهمونا “بالزعرنات”. ازلناها واغلقنا الطريق بأجسادنا ووضعنا الاغاني الوطنية؟ هذه طريقتنا بالتعبير، وليست خطيئة أن نخدم بلدنا في أجواء فرحة”.

 

“لو ما فتحنا كان أحسن”

 

منذ بدء تسكير الطرقات في “17 تشرين” وحتّى فتحها، أغلقت غالبية الملاهي الليلية أبوابها، وفتحتها السبت الماضي، واستفاد من هذا الوضع بعض المطاعم والمقاهي، التي زاد عدد زبائنها، لا سيما في وقت “استراحة الثوار”. وشهد أحد مطاعم جل الديب عيد ميلاد الطريف فيه أنه كان عيداً ثورياً، فكانت الـ”Birthday Surprise”، مستوحاة من “إنتفاضة لبنان”ت تأكل، إذ صُمم قالب الحلوى المخصص للمناسبة على شكل علم لبنان. يقول عامل في أحد “Resto- Pub” في البترون، إنّ “المحل كان “شغلو نار” تزامناً مع تسكير الطرقات واغلاق محلات السهر في البترون. وكان الزبائن الذين يقصدوننا من لون حزبي واحد تقريباً. ومع فتح الطرقات والمحلات التي كانت مغلقة، أصبح وضع محلنا “صفراً”. تباً للسياسة!

 

صاحب “Pub” آخر، في البترون يشير إلى أن زبائن المحل الواحد في السابق، صاروا يتوزعون اليوم على كل أماكن السهر الموجودة في المنطقة. ورغم أنّ محلنا شهد يوم السبت الماضي، عدداً جيداً من الحجوزات، الّا أنّنا لم نجمع في الصندوق المبلغ المتوقع، وعندما دققنا بالفواتير لاحظنا أنّ الزبون الذي كان يطلب كأسين في السهرة، لم يطلب هذه المرة سوى كأس واحد فقط لا غير. وبكل صراحة “لو ما فتحنا كان أحسن”.

“هيلا هيلا هو” أغنية “تهشّل” الزبائن

 

لا تغيب الأغاني الحزبية، عن الوصلات الغنائية التي يقدمها الفنانون في الملاهي الليلية، وباتت تحتل الرقم الاول للتفاعل وحماس الشباب. فما إن تبدأ أغنية “هزت منازلنا” للـ”قوات اللبنانية” حتّى تُرفع الأيادي راسمةً “الدلتا”، وسرعان ما يرفع البعض قبضة يدهم، مع سماع أغنية “أضرب والريح تصيح” (لـ”حزب الله”). كما لطوني فرنجية حصة من الاغاني خصوصاً في جبيل والبترون، فأغنية “يا طوني زغرتا بعينك”، لا تغيب عن سهرات هذه المناطق. كذلك الأمر بالنسبة للأغاني الوطنية، التي تؤدي الى رفع “كوكتيل” من الاشارات الحزبية، وكلٌ يحاول جاهداً رفع اشاراته عالياً، فيعمد البعض الى الوقوف على الكرسي وآخر على الطاولة من أجل هذا الغرض.

 

من جنون السهر، الى الوعي ورسم المصير! الحياة الليلية ما قبل “17 تشرين” لا تشبه ما بعد “17 تشرين”. الاغاني الحزبية استبدلت بالأغاني الثورية، وعمد بعض أصحاب الملاهي الى إدخال نهفات “الثورة” الى الأجواء الليلية، فليس غريباً أن ترى من يرقص على “بعدك بعدك مبسوطة”. وفي هذا الاطار، سببت الـ”هيلا هيلا هو” امتعاض زبائن “التيار” في احد الملاهي، الذين غادروا المكان فور سماعهم هذه الكلمات.

 

يقول ماريو صاحب أحد مرابع السهر في جبيل إنّ “لا علاقة للثورة بتراجع وضعنا الاقتصادي، فالمشكلة بدأت منذ اكثر من سنة تقريباً، وعن اختلاف نوع الاغاني ما قبل الثورة، وبعدها يوضح “أوقفنا “لعب” الاغاني الحزبية نهائياً، واستبدلناها بالاغاني الثورية، وأدخلنا أغاني جديدة على برنامجنا كـ”موطني” مثلاً. كذلك، عمدنا الى توزيع الأعلام اللبنانية على جميع الموجودين، ورسمنا ألوان العلم اللبناني بالاضواء. وفعلاً، شعرنا بالفرق، ولمسنا مدى تأثر الناس بالثورة، وتفاعلهم مع الأغاني الثورية، وغياب الاشارات الحزبية، واستبدالها بالتهليل بالاعلام اللبنانية. كما بدأ الساهرون بالهتاف “ثورة، ثورة، ثورة” على وقع أغنية “تعلا وتتعمر يا دار”. وفي ما يخص “نهفات” الثورة، فنحن نبتعد عنها، للحد من الاستفزازات والمشاكل التي يمكن أن تنتج عنها، وللمحافظة على جميع زبائننا”.