Site icon IMLebanon

مرتكزات الدولة القويّة

 

أيّها اللبنانيّون الشرفاء عملياً أصبحنا على مشارف الانهيار الفعلي للدولة اللبنانية مع من يُمارسون السلطة خلافاً لطبيعة العلم السياسي الذي يرتكز من حيث المبدأ على القواعد الديمقراطية. الدولة السيّدة في القانون تتولّى جميع المسؤوليات التي يستتبعُها ركائز السيادة وآمال عيش كريم بحرية وكرامة وفعلياً في رحاب دولة مستقلّة تماماً قولاً وفعلاً وتصرُفاً.

مصائب كثيرة وعوامل عديدة تلوح في الأفق، حيث هناك جماعة سياسيّة لا تُعير أي اهتمام للعمل الجدّي والالتزام الخُلقي في ممارسة العمل السياسي الشريف، وللأسف لا إصرار لديها لبناء دولة حديثة ديمقراطية تتمسّك بمبدأ الحكم الرشيد وتتميّز به، حُكام يهزأون من دولتهم ومؤسساتها الشرعية المدنية والعسكرية، حُكّام لا يحتضنون القيم الإنسانية السّامية في التسامح والانفتاح والعدالة الإجتماعية والمساواة، حكّام لا يُعيرون اهتماماً لمبدأ علم السياسي القائم على المعرفة المعزّزة بمؤسسات رائدة سيّدة متطوّرة، حُكام يهملون عمل الدولة على مستوى الانفتاح على العالم الخارجي. إذاً، نحن في دولة حُكامها يعيشون حالات الانفصام وحالات العداء مع العالم الخارجي، وبالتالي هذا يعني أنّ هذه الدولة مرفوضة على كل المستويات وليس حصراً إن ذكرت على المستويات العربية والدولية.

 

أيُّها اللبنانيّون في هذه المرحلة التاريخية من نضالنا الوطني المُنزّه والذي نخوضه سوياً كناشطين سياسيين في سبيل استرجاع حضور دولتنا إلى المحافل الإقليمية والدولية، علينا تنفيذ خطة طوارىء سياسية وطنيّة أي خلق رؤية سياسية وطنية من المفترض أن نبذلها على المستويات الداخلية – العربية – الدولية لاستعادة القرار الحر المستقل والسيّادة على ترابنا الوطني. المفروض فعلياً ودستورياً بناء قواعد مؤسساتية التي هي المبدأ الأساس لقيام الدولة القويّة مع ما يلزم من تعزيز الفصل بين السلطات وضمان عملية توازن وعدم تداخل الصلاحيات في ما بينها كما هو قائم اليوم. إنّ أرض الواقع بما يؤشِّر من واقع سياسي قائم حالياً وبعدّة وسائل يُعيق تحركنا السريع، وهو علمياً العائق الكبير الذي يُعرقِل خطة عملنا بالشكل المطلوب. ومع ذلك، وعلى رغم كل الصعاب والإعتقالات وكَم الأفواه والقتل المتعمّد وتفشّي السلاح غير الشرعي، هناك مناضلون يتميّزون بالجرأة والشجاعة والنزاهة في عملهم، وهذا الأمر معطوف على رغبة جامحة من قبل غالبية الشعب اللبناني والمقامات الدينية والسياسية للاستمرار في النضال الوطني من أجل استرجاع الدولة إلى كنفها الطبيعي بين الأمم. إنّ الإنقسام السياسي العمودي بين المكوّنات السياسية الحالية ما هو إلّا ظاهرة عقيمة نشأت جرّاء ممارسة أسلوب سياسي بعيد كل البُعد عن مبادىء العلم السياسي ويحتار أيّ باحث في إيجاد توصيف له، ناهيك عن ممارسة سياسية تخرج عن الأطر القانونية كتجيير السيادة للغريب واشتداد العزلة بين لبنان والعالم العربي والدولي إضافةً إلى القيود المُشدّدة على الشعب اللبناني من قبل المجتمع الدولي. وهذا الأمر للأسف سبَّبَ المزيد من التفكُّك، وتظَهّرت صورة للعالم بأنّ لبنان مُقيّد وُمرتهن ولا حضور فاعل له على المسرحين الإقليمي والدولي.

 

أيُّها اللبنانيّون تُشكّل منظومتنا السياسية المستقّلة نمط مسيرتنا النضالية، وهي بداية إعادة الجمهورية اللبنانية بَسط سلطتها على ترابها الوطني إنطلاقاً ممّا جاء في مقدمة الدستور، وهذا الأمر أولى أولوياتنا النضالية، وهذا حق أساسي وقانوني من حقوق الشعب اللبناني الذي من المفترض أن يلقى دعماً ومساندةً من المجتمعين العربي والدولي في مسعى المناضلين نحو تقرير المصير… وذلك بموجب خطة مرتكزاتها الرئيسية إقامة الدولة القوية. وبالإستناد إلى خطة إصلاح سياسية – أمنيّة اقتصادية – اجتماعية – تربوية – قضائية، هدفها الأساسي أنْ يستطيع الشعب اللبناني العيش في كنف دولة بحرية وكرامة وعزّة نفس. كما تهدف منظومتنا السياسية إلى تسريع وتيرة العمل على إنجاز مشاريع سياسية – أمنية – إقتصادية – إجتماعية – تربوية – صحيّة-… ضرورية لضمان مستقبل آمن ومستقر ومزدهر للبنانيين… وفي هذا الإطار العملي تشمل المنظومة السياسية التي وضعناها كمناضلين على صعيد استعادة السيادة في أنّ الإستقلال والسيادة والحدود تشكّل المحاور الأساسيّة لضمان بناء دولة قادرة ولشعب حرّ جبّار باستطاعته تأدية الدور الريادي بين الأمم. وأولى أهدافنا كمناضلين كسر طوق التفرقة وضرورة إعادة اللحمة الوطنيّة وتحقيق الوحدة الوطنيّة بين اللبنانيين، وإعادة بناء مؤسسات الدولة وتعزيز قدراتها من خلال عمل القوى المناضلة كمبادرات التعاطي السليم وتقديم كل ما لديها من قدرات واستغلال طاقاتها وإمكانياتها. منظومتنا ستسعى لضمان استفادة شعبنا من المساعي الذي نقوم بها على كافة المستويات الداخلية – الإقليمية – الدولية، والإستفادة من تفهُّم المجتمع الدولي لواقع الشعب اللبناني.

 

أيُّها اللبنانيّون، إستناداً إلى العلوم السياسية فإنّ المبادىء السياسية ومصالح الشعوب مترابطة ولا يمكن الفصل بينها على الإطلاق، ولكنها من حيث المبدأ تتغيّر مع تطوّر الزمن. المبادىء هي مجموعة الأهداف والقواعد والأسُس التي تتحدّد على أساسها السياسة العامة، أمّا المصالح فهي مجموعة الأعمال والأفعال لتحقيق الأهداف، وهي فعلياً تمثِّل الممارسات التطبيقية في العلاقة السياسية بين الدولة وشعبها كتوطيد عُرى العلاقات بين مكوّنات هذا الشعب والمزيد من مجالات التعاون بين الناس وعلى مختلف مشاربهم. إنّ العلاقة بين الدولة وشعبها يجب أن تكون علاقة ثقة متبادلة، لأنّ أي سياسي مؤتَمن على وظيفته السياسية سواء أكانت تشريعية أو تنفيذية، والسياسي مسؤول عن الحفاظ على قيَم العدالة والشعب وتمتُّع الشعب بالحريات وفرَص المساواة والديمقراطية والسعي نحو السلام والأمن للمجتمع، ولا يجوز فصل السياسة عن هذه القيَم، وإنْ تجرّدت السياسة عن تلك الأمور فهي حتماً ستنفصل عن الإنسانية وتضحي الهمجية المستبِّدة. تلك الثوابت التي يُقِّرُها العلم السياسي غير متوفرة في لبنان، ولا حاجة لتذكير القُرّاء عن المخالفات الجمّة في هذا الإطار. فعلياً، سنعمل كل ما في وسعنا لإعادة السياسة اللبنانية إلى ما يُحدِّده العلم السياسي لكي تستقيم الأمور.

 

أيُّها اللبنانيّون، إستناداً إلى العلوم السياسية إنّ السياسة الخارجية للدولة ما هي إلّا مجموعة من الأهداف التي تُحدِّد كيفية تواصل أي بلد مع البلدان الأخرى وبشكل عام تسعى عبر سياستها الخارجية إلى حماية مصالحها الوطنية وأمنها الداخلي وأهدافها الفكرية والأيديولوجية وازدهارها بكافة المندرجات. وقد تحقق هذه الدولة هذا الهدف عبر التعاون السلمي مع الدول الأخرى. للأسف، خضع مفهوم السياسة الخارجية في لبنان منذ سنوات الاحتلال إلى يومنا هذا إلى التبعية والارتهان، حيث غابت الأصول التي يتّبعها العلم السياسي بركيزتين أساسيتيّن، وهما: الأولى المثالية الأخلاقية، ثانياً المدرسة الواقعية فلا الأخلاق ولا الواقعية معتمدتان في لبنان بل ارتهان وإملاءات ورياء… وتلك المخالفات، هي محط اهتمام المناضلين الشرفاء وبناءً عليه، سيُعاد النظر في الأطر العامة للسياسة الخارجية للجمهورية اللبنانية في أقرب وقت تكون قد تحررت إرادة اللبنانيين من الإستسلام الأعمى.

 

أيُّها اللبنانيّون، نواجه في لبنان مشهداً أمنياً معقداً للغاية، وهو عملياً في وتيرة تصاعدية لأنّ السيادة الوطنيّة مُغيّبة والقرار السيادي غير متوفِّر. ولا يزال انتشار السلاح غير الشرعي موجوداً، وهو يؤدي إلى تقويض الأمن الداخلي – الإقليمي – الدولي، وقانونياً يزيد في تعقيد الجهود الرامية للحفاظ على الأمن والسلام في لبنان. ووفق العلم العسكري، يُعتبر أنعدام الاستقرار في دولة ما أمر في غاية الخطورة، وحدوث ذلك يؤدّي حتماً إلى الإنتشار السريع لمواد متفجّرة وأسلحة بكافة الاختصاصات على ما هو موجود في لبنان، وبتحليل منطقي بعد استشارة ضباط في الخدمة الفعلية أو متقاعدين إنّ هكذا أمر يتحوّل بسرعة إلى أزمة تشكل تهديداً فعلياً مباشراً على الدولة التي تحتضن هذا السلاح وعلى الأمن الإقليمي والدولي. إننا نضع نصبْ أعينِنا هدفاً واحداً، وهو العمل جدياً وبكل الوسائل المتاحة على تعزيز دور ومكانة القوى العسكرية اللبنانية الشرعية، إنطلاقاً من مندرجات قانون الدفاع الوطني، وللبحث صلة.

 

أيّها اللبنانيّون يُعتبر الرجل السياسي الصادق ضرورة في سبيل تطوير أي دولة ضمن الأطر الديمقراطية واستدامتها، وهو عملياً أداة حيويّة تكفل المشاركة في الحياة السياسية والتعبير عن إرادة الناس، ممّا يُشكل أساساً لسلطة ما في أي دولة ديمقراطية. وبناءً عليه، سنسعى إلى بناء دولة على مرتكزات قوية قوامها: السيّادة التّامة والناجزة، والقوى المُسلّحة الفاعلة، والمنظومة السياسية الحديثة.