يفتح غداً باب الترشّح الى ولاية جديدة لرئاسة «التيار الوطني الحر» والمراكز السياسية فيه، في ظل مناخ داخلي فرضَ فيه التيّار نفسه على اللعبة السياسية الداخلية، بعدما تمكّن من التغلغل في مفاصل الدولة وإداراتها، فكانت له الكلمة الفصل في التعيينات والانتخابات والقرارات والمصالحات… والموازنة.
من تلة نهر الكلب أشاد رئيس التيار الوزير جبران باسيل بالانجازات التي تحققت في «الانتخابات الديمقراطية الداخلية السادسة» داخل صفوف التيار خلال عهده، داعياً اللبنانيين الى ترقّب الانتخابات السابعة المقبلة «ضارباً بها أمثولة حيّة يتعلّم منها المعنيون كيفية إجراء انتخابات نزيهة وشفّافة ومتحضّرة وحرّة».
الجديد في الخطاب دعوته «الرفاق» الى المبادرة والترشّح للانتخابات المقبلة للتيار، كي تكون انتخابات تنافسية، خلافاً للانتخابات الماضية التي طلب فيها الرئيس ميشال عون من قريبه المرشح آلان عون وآخرين الانسحاب لمصلحة باسيل، فيما همسَ لهم البعض بأهميّة الترشّح ومنافسة باسيل، وحتى ضرورة قيام جبهة معارضة، فكانت النتيجة أنّ من عارَض فُصل ومن اعترض انضَمّ الى قافلة المؤيّدين فور وصول العماد عون الى قصر بعبدا.
وأوضحت مصادر باسيل «أنّ التنافس الديمقراطي في الانتخابات «مطلبنا»، وجُلّ ما نرغبه هو ان تتمثّل المعارضة داخل التيار أو خارجه بمرشّح ينافس الوزير باسيل لمعرفة أحجام الموالاة والمعارضة، والتي لا يمكن تحديدها سوى بانتخابات نزيهة وديموقراطية»، ودعَت المصادر المعارضين الى اختيار مرشح يمتلك المؤهلات، ويستوفي شروط القوانين الداخلية للترشح في انتخابات التيار المقبلة.
وإذا ما تحقق تَمنّي رئيس التيّار، يؤمّن «التيار القوي» تحقيق الديمقراطية القوية قولاً وفعلاً.
كتيلي: لجنة التدقيق شُكّلت و«ميغا» سنتر موحّد
عن انتخابات التيار التي حُدّد موعدها في 15 ايلول المقبل في لبنان ودول الانتشار، تقول أمينة السر السيدة مارتين كتيلي لـ«الجمهورية»: إنّ «النظام الجديد لم يغيّر آلية انتخابات التيار، إنما ما تغيّر هي انتخابات الأقضية التي صارت بالتعيين وليس الانتخاب. أمّا رئيس التيار فما زالت تنتخبه القاعدة. ويحقّ فقط لحاملي البطاقة الملتزمين منذ اكثر من سنة، وتكون أسماؤهم مُدرجة في لوائح الشطب، انتخاب الرئيس ونائبيه للشؤون السياسية والادارية ضمن لائحة مقفلة، تتم فيها عملية الانتخاب في كل الاقضية على حدّ سواء».
عن «الجديد» تقول كتيلي: «ستكون الأقضية Méga centers أي يمكن للناخب التصويت أينما كان وأينما كان نفوسه، ويمكنه التوجّه إلى مركز الاقتراع الأقرب إليه. ويمكن للمنتشرين التصويت إلكترونياً بطريقة تحفظ السرية وحرية التعبير، إذ يرسل link الى هؤلاء فيدخلون أسماؤهم وأرقام هواتفهم وبطاقاتهم، فيرسل اليهم code يصوّتون من خلالها».
وأضافت أنّ التيار أجرى السنة الفائتة انتخابات مجالس الاقضية والمجلس السياسي، فشَكّل مراكز اقتراع في الاقضية، وكان هناك méga center في كل قضاء. أمّا حالياً فجميع الاقلام ستكون Méga center. لذلك من رسائلنا السياسية التي نشدد عليها، أن يكون هناك Méga center في الانتخابات النيابية العامة، فما تَمكنّا كتيّار من تحقيقه يمكن للدولة من خلال إمكانيتها الكبيرة تحقيقه.
مجلس حكماء للتيّار… قريباً
وكان التيار قد أصدر تعميماً في 15 تموز شرح فيه آلية إجراء الإنتخابات، وفتح باب الترشّح في 15 آب ويستمر حتى التاسعة من ليلة 30 آب… وحتى 6 ايلول للراغبين في سحب ترشيحهم.
ولفتت كتيلي الى أنّ اللائحة التي تتضمن أسماء الرئيس ونائبيه للشؤون السياسية والإدارية تنتخب بكامل أعضائها ضمن لائحة مقفلة واحدة، ولا يحق لأحد التصويت لإسم من هؤلاء منفرداً، وتصحّ الآلية نفسها بالنسبة للائحة المنافسة.
وتألفت لجنة للتدقيق في طلبات المرشحين وأهليتهم من «مجلس حكماء التيار»، الذي يضم 4 أعضاء، هم: اللواء نديم لطيف، الوزير السابق طارق الخطيب والاستاذ خليل حمادة وكتيلي.
وبلغ عدد الملتزمين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات 31 ألفاً.
من يتجرّأ؟
معنيون كُثر يرغبون في رئاسة التيار، فمنهم من تجرّأ وترشّح ومنهم من تراجع وانسحب، فهل يصح اليوم ما صَحّ بالأمس؟
من أبرز هؤلاء النائب آلان عون الذي سحب ترشيحه في الانتخابات السابقة بناء على رغبة الرئيس عون. فماذا عن قراره اليوم؟
عون: «لا رغبة لي في الترشح»
كانت إجابة سريعة وقاطعة للنائب عون أنّ هناك استمرارية للواقع الحالي، وليس هناك ظروف تستدعي التغيير. ويعتبر أنّ ترشحه يكون من خلال مشروع قيادة مرحلة أو ظروف معينة تواكب هذا الترشيح أو تواكب مرحلة ما بعد الترشيح وليس مشروع سلطة.
وقال: «اذا كان ترشحه لا يخدم ولا يفيد ولا هدف له وليس لديه ظروف لتحقيق برنامج معيّن او تغيير معين، فهو لن يُقدم عليه. لذلك، الظروف الحالية تستدعي أن يكون الواقع كما هو عليه «ونحن ارتضَينا به»، «فالانسان يغيّر لهدف ما، واليوم هناك عهد على رأسه العماد عون وهو عملياً اتخذ خيارات معينة خاصة في الموضوع الحزبي، فلماذا معاسكته؟
ويضيف: «لماذا نُعاكس الرئيس عون إذا أراد اختيار «أدوات عمله» بنفسه وبملء إرادته، علينا إراحة رئيس البلاد بالطريقة المناسبة… وهذا الزمن هو زمن الرئيس عون وهو قائده الفعلي».
وعن ترشّحه السابق، أوضح أنّ الظروف «كانت تشكّل انتقالاً من مرحلة الى أخرى، وكانت ظروف تغيير، فاعتبرتُ انه كانت هناك فرصة بعد انتقال الرئاسة الى أحد الحزبيين أن يكون لديّ فرصة فجاءت ظروف (لا اريد التكلم عنها) لم تُتح لي تلك الفرصة. أمّا اليوم، فأعتبر أنّ أي تغيير لم يطرأ على صعيد القيادة يستوجب ظرفاً معيناً، فهناك موقع واحد للقيادة، وهذا الظرف بجميع اعتباراته مستمر بما هو عليه، فلماذا الاعتراض؟».
وأضاف عون: «هناك رئيس جمهورية يريد تكملة عهده ضمن هذا الواقع، وهذا الواقع سيستمر بـ«عدة الشغل ذاتها وفريق العمل نفسه».
النائب عون قدّم اعتباراته لعدم ترشّحه، رغم أنه بحسب قوله «يملك الأهلية لرئاسة التيار، والجهوزية وحتى الاستعداد لها»، ولكنّه «عندما ينوي قيادة رئاسة التيار يجب أن تكون الرئاسة مرتبطة بمرحلة ما وظروف معينة. والمرحلة الحالية هي استمرار للواقع الموجودين فيه، لذا فهي حكماً تستدعي استمرار فريق العمل الحالي وبقائه».
أسود: لا داعي للفولكلور الديمقراطي
عن فرضية ترشحه أجاب النائب زياد اسود: «أبداً»، موضِحاً أنّ الموضوع لا يستهويه، وأنه مرتاح حيث هو، لافتاً الى أنّ الرئيس الحالي للتيار قام بأقصى واجباته. وأشاد بأداء باسيل، مفترضاً «أنّ باقي الاحزاب، وبالأخصّ المسيحية، يلزمها الكثير للوصول الى التطور الفكري والمنهجية السياسية التي يعمل عليها الوزير باسيل لتصحيح الخلل في النظام الحالي… فباسيل هو الوحيد بين رؤساء الاحزاب المسيحية الذي يعبّر عن ضرورة تحقيق هذا التصحيح ومزجه بأشكال مختلفة، الأمر الذي يدلّ على انّ رئاسته للتيار المسيحي القوي يجب ان تستمر في الظرف الحالي… بينما الآخرون لا يستطيعون، وهي ليست مسألة جرأة، بل جميعنا متفقون في هذه المرحلة وفي كل مقتضياتها على الوقوف مع باسيل، وهو يؤدي دوره بشكل جيد وأفضل من غيره. صحيح انه دعانا في خطابه من نهر الكلب الى الترشح ونحن نشكر دعوته، ونقول له نحن معك».
وللمعارضين يقول: «أين أنتم تفضّلوا»؟ الّا اذا كانوا غير قادرين على إدارة المعركة. امّا في السياسة فيقول اسود انّ عقله عسكري وليس سياسياً، «فالاحزاب المسيحية برأيه غير قادرة على استحضار مقاربة جديدة لها كل حيثياتها حتى على صعيد الانضباط الداخلي، ويرى انّ باسيل يحقق ذلك في رئاسته للتيار فلا داعي للفولكلور السياسي او الديموقراطي. وبحسب عقيدته السياسية ولأنه يفكر بطريقة عسكرية يلومه باسيل اليوم، وتحديداً بالموضوع المسيحي».
الترشّح للفوز؟
في المقابل تشير الأوساط، التي تترقب عدد الترشيحات الي تنطلق غداً، أنه من غير المقبول على الراغبين في الترشّح القول انه لا داعي لذلك، «فالترشّح لا يكون فقط للفوز إنما لتحقيق الديمقراطية الفعلية»، اذ لا يمكن التسليم بأنّ الحزب الذي انتسب اليه حتى الساعة 31 الف منتسب و9 آلاف مؤيّد لا توجد فيه معارضة ولو بنسبة ضئيلة، في المقابل لا يمكن لتلك المعارضة أن تكون بناءة اذا لم تكمل عملها وتقدم مرشحها لانتخابات التيار المقبلة اذا ارادت إثبات معارضتها المحقة… أما اذا لم تتجرّأ وتُبادر ابتداء من 15 آب للدخول في معركة ديمقراطية، ولو لم تستطع الوصول الى رئاسة التيّار، فيكفي أنها تجرأت. وإذا لم تفعل ذلك غداً، فالأولى بها أن تصمت.