نقدر حرص فخامة الرئيس العماد ميشال عون على ان يبدأ عهده بقبول الجميع، يتساوى في هذا الذين اقترعوا له والذين لم يقترعوا وبالذات الذين ادعوا انهم اقترعوا له بينما وضعوا الاوراق البيضاء… باعتبار ان واضعي الاوراق المعلنين الذين احترموا كلامهم كانوا نواب كتلتي «الانماء والتحرير» و «المردة».
نقول اننا نقدّر هذه الرغبة الرئاسية التي يلاقيه فيها الرئيس المكلف الشيخ سعد الحريري. الا اننا نعترف بالصدمة والخيبة من غياب المعارضة. فإذا صحّ ان الاستيزار ضاربٌ اطنابه، وهو صحيح، ويشمل الذين مع العهد والذين ضده، فهذا يعني كما قلنا وقال غيرنا مرارا وتكرارا اننا امام مجلس نيابي مصغّر … ولسنا نرى في هذا مثالا للديموقراطية التي اشتاق اليها اللبنانيون.
غريب أمر الكثيرين الذين رفعوا شعار المعارضة، وقالوا انهم سيعارضون تأكيدا على الالتزام بأكثر معاني الديموقراطية صدقيةً!
نود بداية، ان ندّعي اننا (على الصعيد الشخصي) نؤيد هذا العهد، وندعو له بالنجاح الكبير، وكنا وما زلنا نرى في فخامة الرئيس العماد ميشال عون فرصة تاريخية للبنان. ولكننا نستغرب كيف يسيل لعاب »المعارضين« المزعومين امام سحر الوزارة!
ولو كنا في بلدٍ يعيش الديموقراطية فعلا لبادرت وسائط الاعلام، قبل سواها الى محاسبة الذين رفعوا شعار المعارضة والذين يجهدون اليوم ليكون لهم حقائب وزارية.
بعضهم قال: بدي جرّب المعارضة!
اخر قال: نحن في المعارضة اقوى منّا في السلطة.
ثالث زعم أنّه يصر على المعارضة حتى ولو عُرضت عليه الحقائب.
آخرون قالوا انهم سيصوتون الى الرئيس عون فصوّتوا بالاوراق البيضاء… الاّ ان فخامته يعرفهم واحدا واحدا. يعرفهم بالاسم، ويعرفهم بالمرجعية. ويعرفهم بالانتماء… أما الناس فيعرفونهم ويشيرون اليهم بالاصبع المرفوعة!
ويوم ادعى من قالوا انهم سيعارضون، وحتى من قبل ان ينتخب الرئيس عون ولكن كان قد عُرف انه الرئيس حتما كتبنا هنا مقالا نقول فيه «اهلا بالمعارضة». وكان في ذهننا نمط الحياة السياسية التي عشناها في لبنان بضعة عقود. وكان المجلس النيابي منقسما بين نواب الموالاة ونواب المعارضة، وفي كلا الطرفين تتمثل الاطياف الوطنية كلها. وكان في الخاطر ونحن نكتب ذلك الكلام التجربة العريقة لديموقراطيتنا الفتية التي انتجت ما يشبه نظام الحزبين. فكنا في سنوات الاستقلال الاولى بين الكتلة الدستورية (في الحكم) والكتلة الوطنية في المعارضة. ثم كنا بين النهج (في الحكم) والحلف الثلاثي (في المعارضة)… وتلك آية الممارسة الديموقراطية اذ دور المجلس الرقابي على اعمال الحكومة كان في ذروته، بينما كان الانقسام على صوت او صوتين او ثلاثة بين فريق يفوز وفريق يخسر!
… الى ان أُطلقت رصاصة الاعدام على هذه الحياة الديموقراطية بما عُرف انه حكومات الاتحاد الوطني التي لم يترتب عليها سوى الانقسام الوطني… فإذا بنا امام بدعة المعارضة من داخل… وبالذات من داخل الحكومات المتعاقبة. وتلك السقطة الكبرى.
فهل اننا امام تكرار المحاولة مع حكومة العهد الاولى!!
الاّ اذا اعتبرنا ان الحكومة العتيدة ليست حكومة العهد الاولى انما هي حكومة انتقالية الى حين اجراء الانتخابات النيابية وبعدها تُشكل حكومة العهد الاولى التي نأمل ان يصطف داخلها ممثلو الاطراف الموالية، لتبقى المعارضة خارجها في مهمة رقابية وتلك مهمة جليلة لو يدرون!