Site icon IMLebanon

«القومي»: توجّه لإعادة انتخاب حردان وعريجي أبرز المعترضين

يتجّه المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى إعادة انتخاب النائب أسعد حردان رئيساً للحزب وتعديل الدستور. إعادة الإنتخاب تثير جدلاً داخل صفوف الحزب، إلّا أن للمقربين من حردان رؤيتهم حول «الحاجة إلى إكمال نهج الصراع والقتال العسكري»، فيما يتجّه الرئيس السابق للحزب جبران عريجي إلى الاستقالة من المجلس الأعلى في حال إعادة انتخاب حردان

وسط الضغوط السياسية والأمنية في سوريا ولبنان وانخراط الحزب السوري القومي الاجتماعي في المعارك على الأرض السورية، يستعد الحزب خلال الـ 15 يوماً المقبلة لاتمام المرحلة الثانية من استحقاقه الدستوري بانتخاب رئيس جديد، بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي النائب أسعد حردان.

المرحلة الأولى جرت قبل 10 أيام خلال المؤتمر العام للحزب، وتضمنت انتخاب «المجلس القومي» (ممثلين عن القوميين) و17 عضواً منهم يشكّلون «المجلس الأعلى» (بمثابة سلطة تشريعية)، الذين ينتخبون بدورهم رئيس الحزب. ويعقد «المجلس الأعلى» اليوم أولى جلساته للتداول باسم الرئيس وفي الأوضاع السياسية العامة وتوجّه القيادة الجديدة. غير أن الأجواء العامة ما قبل الاجتماع الرسمي، تشير بوضوح إلى طرح إعادة انتخاب حردان لأربع سنوات جديدة، ما يُحتّم تعديلاً على المواد المتعلّقة بانتخاب الرئيس في دستور القومي. إذ تحرم الفقرة الأولى من المادة الخامسة، التي تتناول تشكيل السلطة التنفيذية، الرئيس من تولّي رئاسة الحزب لأكثر من دورتين متتاليتين.

إعادة انتخاب حردان والحديث عن التعديل الدستوري يثيران نقاشاً كبيراً كونها المرّة الأولى في تاريخ الحزب، في حال حصل التعديل، يسمح لرئيس بتولّي الرئاسة لأكثر من دورتين.

بالنسبة للفريق العامل إلى جانب حردان، وخصوصاً في الجسم العسكري ومسؤولي المناطق في لبنان وسوريا والعراق، تبدو إعادة انتخابه «حاجة للاستمرار بنهج العمل الحالي ودور الحزب العسكري في سوريا». يضع هؤلاء جملة من العوامل الحزبية والسياسية لشرح تمسّكهم بالتجديد. ويرسمون خطّاً بيانياً، سياسياً وأمنياً وعسكرياً، لأحوال المشرق، وشرحاً عاماً عن الملفّات التي أدارها ويديرها منذ انتخابه رئيساً قبل ثماني سنوات، وضرورة بقائه رئيساً لحين تغيّر الظروف الحالية. يوضح هؤلاء أنّ «الساحة الفلسطينية أمام مفترق خطير. فريق السلطة يبحث عن تسوية علنية مع إسرائيل وفريق حماس منغمس مع تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يبحث بدروه عن تسوية طويلة الأمد مع إسرائيل، فيما تتفكّك الساحة العراقية، وبات تقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات مذهبية مصيراً محتوماً لبلاد ما بين النهرين». ومن العراق إلى لبنان، يرى هؤلاء أنه «عاجلاً أم آجلاً سيدخل هذا البلد في سياق التفتيت الذي تعمل على فرضه القوى الغربية وإسرائيل على دول المشرق». وتبقى سوريا، حيث يقاتل الحزب إلى جانب الجيش السوري في مختلف البقاع السورية باسم منظمة «نسور الزوبعة»، «دفاعاً عن وحدة سوريا». ويقول أحد المقرّبين البارزين من حردان إن «الحزب في سوريا بات يلعب دوراً أساسياً على جبهات القتال، وفي المجتمع من خلال تنظيم وحداته الحزبية، وهو يطعّم الجبهات العسكرية بقوّة وطنية علمانية، ويملك رؤية للدستور السوري الجديد ويرفض أي صيغة دستورية تقسيمية». وبناءً على هذه الرؤية، يعتبر فريق عمل حردان، أن الأخير، هو «الشخصية الأبرز التي تستطيع قيادة الحزب في المرحلة الحالية نظراً لشخصيته وحضوره السياسي في لبنان وسوريا وتحوّله إلى قطب سياسي كممثل للحزب على طاولة الحوار الوطني ودوره المؤثر في قوى 8 آذار وعلاقاته السياسية والأمنية». ويلفتون الى أن «بين يدي الرئيس ملفات ساخنة أبرزها إدارة الملفّ العسكري في سوريا واحتمالات تدهور الأوضاع في لبنان وبروز حالات تقسيمية كما حصل في الثمانينات، وهو واجهها قبل 3 عقود وسيواجهها الآن. ثمّ ملفّ الوحدة الحزبية مع التنظيم الذي يرأسه الوزير علي حيدر، وقدرته وحيداً على مدّ جسور التواصل مع الحالة الانشقاقية التي يدعمها رامي مخلوف في سوريا، أو مواجهتها». ولا يُنكر هؤلاء أن التجديد يكسر خاصية الحزب القومي بالتمايز وتداول السلطة بشكل دائم، إلّا أن «الاستقرار في القيادة ضرورة الآن لأن المرحلة المقبلة تحتّم على القوميين دوراً كبيراً والرئيس قطع شوطاً في رسم استراتيجية عسكرية وسياسية للحزب، ولا بدّ من متابعة العمل والاستمرار بنهج الصراع الذي يعبّر عنه حردان».

ماذا عن المعترضين؟ لا ينفي المقرّبون من حردان خروج أصوات ستعترض على التمديد، بدأت أولى ملامحها تتضّح مع تأكيد مقرّبين من رئيس الحزب السابق جبران عريجي، الذي انتخب انتخب عضواً في «المجلس الأعلى» الجديد، أنه لا يمكنه أن يسير في خيار التمديد وتعديل الدستور، «ومن الممكن أن يستقيل من المجلس الأعلى في حال التمديد». لكنّ المقرّبين من حردان، يستندون إلى نتائج المؤتمر الأخير، و«فوز حردان بأرقام كبيرة من نسبة المقترعين وتأييد الثلثين زائداً واحداً من أصوات المجلس الأعلى له»، فضلاً عن أن «الجسم الحزبي العامل يدرك الظروف جيّداً وغالبية المعترضين المحتملين هم أصلاً خارج العمل الحزبي».

على ضفة المعترضين، لا تبدو مبررات فريق عمل حردان مقنعة. «من غير المنطقي أن لا يجد القوميون رئيساً جديداً. أمر كهذا، يُفقد الحزب خاصيةً يمتاز بها عن غيره من الأحزاب والقوى السياسية في العالم العربي، بوصفه حزباً ديموقراطياً في نظامه الداخلي، يتمّ تداول السلطة فيه بشكل دوري». بالنسبة لهؤلاء، «حردان يدير الحزب في الظلّ منذ 30 عاماً وكان يمكن طرح اسم آخر للرئاسة، وتبقى الملفات العسكرية والسياسية الساخنة بيده». وبحسب مصادر المعترضين، فإن «ردود الفعل قد تتمثّل باستقالة عريجي وأنطون خليل من المجلس الأعلى وابتعاد جزء من الكوادر، الذين كانوا يفكّرون بالعودة إلى العمل، عن الجسم الحزبي نهائياً».

وفي ما خصّ مجموعة «قَسَم»، وهي مجموعة من الكوادر المعترضين على حردان منذ فترة طويلة اجتمعت تحت عنوان «وحدة القوميين»، فتشير مصادر المجموعة إلى أنها «لم تشارك أصلاً في المؤتمر العام، وهناك توجّه لحلّ المبادرة التي هدفها توحيد القوميين، والتوجّه نحو خيارات جديدة». وفي حين تؤكّد مصادر مقرّبة من حردان أن «المفاوضات مع مجموعة قَسَم لم تصل إلى نتيجة بسبب تمسّكهم بعدة مسائل، منها ضرورة مشاركة الحزب في ما يسمّى بالحراك المدني في لبنان»، تؤكّد مصادر «قَسَم» أن «هذا جزء من النقاش وليس كلّه، فنحن لم نبحث في المحاصصة في السلطة بل في التوجّه العام للحزب».

وأمام حردان في ولايته الجديدة، جملة تحديات يطرحها القوميون، الموالون منهم والمعارضون، أهمها تفعيل العمل الإعلامي ووسائل الحزب الاعلامية، وتحسين أداء الإدارة الحزبية في المناطق، وتطوير آلية العمل الحزبي لمواجهة تفاقم الحالة المذهبية والطائفية في البلاد. وتنال جريدة «البناء» حصة الأسد من الانتقادات الداخلية، بعد الفشل في تحوّلها إلى جريدة سياسية طليعية في الوسط الصحافي. وأمام حردان تحدّ جدي آخر، هو تأمين موارد مالية تؤمن تطوّر الحزب في ظلّ الدعم الذي تقدّمه القوى الإقليمية للأحزاب ذات الصبغة الطائفية، خصوصاً مع توسّع العمل العسكري لـ«نسور الزوبعة»، وافتقار الحزب لمشاريع مالية ترفد التنظيم بحاجته.