تتساءل الاوساط المواكبة للمجريات عن السر الذي يكمن في استقطاب الساحة المحلية لكافة الازمات المستوردة من الخارج بطريقة او باخرى وعلى طريقة المثل الشعبي «اذا حبلت في الصين ولدت عندنا»، ففي الوقت الذي يغرق فيه البلد بالشلل العام من رأس الهرم حتى اخمص القاعدة لم يكن ينقصه سوى استيراد مشكلة هنيبعل القذافي اللاجئ سياسياً الى سوريا في عملية غامضة، ولكنها ليست بريئة، على الاطلاق ما زاد من حجم التجاذب بين القيادة السورية على خلفية مطالبة دمشق بتسليمها القذافي الابن ورفض الجهات المعنية في لبنان الامر ودخول الحكومة الليبية على الخط للمطالبة به ايضاً.
وتضيف الاوساط انه بالاضافة الى المعمعة السياسية في برج بابل اللبناني الذي يكاد يتحول الى «عصفورية» في ظل الاعصار الذي ضرب فريقي 8 و14 آذار وفرق البيت الواحد من كليهما، وتطيير جلسات انتخاب الرئيس العتيد 33 مرة، اعلنت السعودية قيام «حلف الرياض» العسكري الاسلامي لمحاربة الارهاب دون استشارة السلطة اللبنانية وترحيب الرئيس سعد الحريري به ورئيس الحكومة تمام سلام ايضاً ما كاد يثير ازمة حكومية لولا التوضيح الذي اصدره سلام بتمييزه بين موقفه الشخصي المبدئي وبين تأكيده ان القرار النهائي يعود الى الحكومة مستوعباً بذلك ردود الفعل الاولية وتطويقها اضافة الى دخول رئيس مجلس النواب نبيه بري بقوله «ان هذا الموضوع فكرة وتناقش داخل مجلس الوزراء لاتخاذ الموقف المناسب ولا حاجة الى اثارة اي جدل خارج هذا الاطار» الامر الذي برّد الرؤوس الحامية ووفر على الساحة المحلية تعقيدات فوق التعقيدات المتراكمة على الرقعة.
وتشير الاوساط الى ان اعلان المملكة قيام التحالف العسكري الاسلامي لمحاربة الارهاب لا يتعدى تحالف الوهم، لا سيما ان تعريف السعودية للارهاب يناقض اي مفهوم حقيقي وواقعي له لا سيما ان «داعش» و«النصرة» فصيلان تكفيريان ينهلان فكرهما الديني من المدرسة الوهابية السعودية، وان الارهاب وفق المنظور السعودي يتمثل بـ «حزب الله» وبشخص الرئيس السوري بشار الاسد، اي بمن يحارب الارهاب في الميدان السوري من ادناه الى اقصاه، اضافة الى اعلان السعودية «الحوثيون مجموعة ارهابية»، ولعل المضحك – المبكي استبعاد ضم ايران الى التحالف المذكور كونها ايضاً تحارب الارهاب في سوريا والعراق.
وتقول الاوساط ان هدف السعودية اولاً واخيراً من اعلان «حلف الرياض» شن حرب على «حزب الله» ولو كلامية كون الحلف المذكور يفتقر الى الكثير من الحيثيات التي تسمح بقيامه وكلها معدومة، بالاضافة الى تغطية هزيمتها في اليمن، فصاحب الاعلان ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان كان المخطط والمدبّر والمشرف على الحرب السعودية ضد اليمن، وما يؤكد ان رأس «حزب الله» مطلوب سعودياً بمباركة اميركية تمثل بالتدرج بين ايقاف بث «قناة المنار» عن قمر «عربسات» ناهيك بتصنيف «حزب الله» منظمة ارهابية سعودياً وصولاً الى اقرار الكونغرس الاميركي عقوبات على مصارف تتعامل مع «حزب الله»، وهذا الامر سينعكس سلبيا بالكامل على التسوية الرئاسية ويؤجلها حتى اشعار اخر ما يعني ان عودة الحريري الى لبنان ليست في المدى المنظور، لان المبادرة التي اطلقها بترشيح «جدي» للنائب سليمان فرنجية كان يطمح من خلالها للعودة الى رئاسة الحكومة وان ملء الشغور الرئاسي ممرّ الزامي لتشكيل حكومة جديدة حيث يستبدل فيها بعد انجاز الاستحقاق الوكيل بالاصيل، وان مبادرة الحريري لم تحصل الا بناء على طلب المملكة، ذلك يعني ان الطبق الرئاسي بات في خبر كان.