بالرغم من الصعوبة التي واجهتها خطة معالجة أزمة النفايات يجب الإقرار بأن هذه الخطة استولدها الحراك المدني في الشارع. وفي تقديرنا أن هؤلاء الشباب، شابات وشباناً، قادرون على إعطاء المزيد إذا حصروا نشاطهم في هذه المرحلة بالذات، في القضايا الحياتية والإقتصادية والمعيشية الملحّة.
نعرف أن الكهرباء والمياه والطرقات وسلسلة الرتب والرواتب هي في طليعة إهتمام الشعب اللبناني. ومن دون أي تردد أو تخاذل إزاء هذه المطالب الحيوية نرانا نستحث شباب الحراك الوطني على التصدي لموضوع مهم جداً وبالغ الحساسية هو بمثابة قضيّة وطنية كبرى، عنينا به الثروة الطبيعية القابعة تحت أعماق البحر (وربما في باطن اليابسة ايضاً)، أي ما تختزنه أرضنا الوطنية والإقليمية من غاز ونفط.
إنّ تقاعس الحكومات المتعاقبة إزاء هذا الموضوع، منذ العام 1973 حتى اليوم، يستدعي في حدّ ذاته حراكاً وطنياً عاماً، وبالذات من قبل جماعة الحراك المدني القائم أصلاً في وسط العاصمة والممتدة أغصانه وافياؤها الى مناطق عدة جنوباً وبقاعاً وشمالاً.
ويتعذّر توصيف تقاعس اللبنانيين أمام هذه القضية الوطنية الكبرى، بقدر ما يتعذّر على أهل المسؤولية إعطاء أي تبرير لتخاذلهم العلني (…. وصراعهم المستتر) في هذا المجال.
في لبنان معروف على مقياس علمي أن النفط والغاز موجودان لدينا على نطاق تجاري وازن. ففي العام 1973 زار لبنان وفد من مجموعة شركات يابانية عرضت الآتي (1) هي تضمن وجود كميات نفط في اليابسة وتحت البحر. (2) الشركات المشار اليها مستعدة ان تتولى التنقيب على نفقتها الخاصّة من دون أن تتكبد الدولة اللبنانية أي قرش. (3) عندما يبدأ تدفق البترول وتصاعد الغاز يكون لتلك الشركات حصة تتفق عليها مع الدولة اللبنانية.
إهتم الرئيس سليمان فرنجية يومها في الموضوع وعقد إجتماعاً مع الرئيس صائب سلام و”وزير النفط” توفيق عساف… وألحّ رئيسا الجمهورية والحكومة على الوزير ضرورة مواصلة التباحث مع مجموعة الشركات اليابانية، وسواها من الشركات وإعداد دفتر شروط لإجراء مناقصة عالمية.
وكان أن دهمت لبنان أحداث مصيرية كبرى (العدوان الإسرائيلي واستشهاد القادة الفلسطينيين الثلاثة: كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار بعملية كومندوس اسرائيلية عدوانية باتت معروفة بوقائعها وتفاصيلها) وحرب المخيمات ومن ثم الإنفجار الكبير في 1975.
في منتصف التسعينات أجريت أبحاث دقيقة… ولاحقا تواترت معلومات عن “سفن أبحاث” وغوّاصات (مجهولة؟) تتوافد الى المنطقة… الى أن أعلن رسمياً عن الثروة الهائلة التي يتقاسمها لبنان مع قبرص وفلسطين المحتلة كل ضمن حدوده الإقليمية.
ولنكتف بإسرائيل: بدأت الإنتاج فعلياً… ونحن ما زلنا مختلفين على جلد الدب وهل ننتزعه بالتقسيط (بلوكين إثنين) أو دفعة واحدة (عشرة بلوكات)…
فيا جماعة الحراك المدني… عينكم على هذه القضية التي هي أكثر ما يحتاجه إقتصادنا المأزوم والحال الإجتماعية الدقيقة جداً…