ما هو المعيارالأخلاقي، ولمن تعطي هذه الدولة القيمة؟ للإنسان أم للمال؟ المال ليس قيمة في حياة الشعوب، وكلّ من يضع المال على رأس سُلّم منظومته الأخلاقيّة هو ساقطٌ إنسانيّاً وأخلاقيّاً أيضاً!
من حقّ اللبنانيّات مقاضاة هذه الدّولة «الكاذبة» بتهمة التمييز العنصريّ أمام المحافل الدوليّة، بل أدعو كلّ المنظمات الحقوقيّة والإنسانيّة والنسائيّة المعنيّة بقضيّة منح اللبنانية جنسيتها لأبنائها، خصوصاً اللواتي تدّعي الدولة أنها تخاف من منحهم الجنسية لهم بدعوى التوطين لأنهم من دول الجوار، أدعو كلّ هؤلاء لمقاضاة الدولة اللبنانيّة بتهمة التمييز العنصري بين الأثرياء والفقراء!
كرة نار مرسوم التجنيس انفجرت في وجه الجميع طوال الأيام السابقة، سقطت كل ادّعاءات مزايدات استثناء تجنيس أبناء الأم اللبنانيّة من «دول الجوار»، سقط مشروع وزير الخارجيّة جبران باسيل بالضربة الأخلاقيّة القاضية، مرسوم التجنيس منح الجنسيّة لأغلبيّة فلسطينيّة وسوريّة وجنسيات أخرى، فما هو المقياس الذي اعتمدته صلاحيّة توقيع رئيس الجمهوريّة لهكذا مرسوم؟! لا تفسير ولا إجابة، سوى الغموض و»التهرّب» من المواجهة!
نحن نعرف أنّنا بلدٌ عنصري ولكن ليس إلى حدّ هذا الكذب الفاقع، فضح المعنيّون زيف شعاراتهم بهذا المرسوم ومورس على آلاف الأبناء لأمهات لبنانيات تمييز عنصري مباشر، وهو بحسب تعريفه الاصطلاحي «التعامل بأسلوبٍ دونيّ، والتقليل من شأن الشخص واحتقاره، وتفضيل شخصٍ آخر عليه في المقابل، ويتمّ بين الطرف المُمارِس للتمييز والطرف المُمارَس التمييز عليه بشكلٍ مباشر ومُعلَن من دون نوايا خفيّة»، أيّ دولة هذه تحرم الحقوق لأصحابها، وتبيعها بثمن بخس لآخرين بدعوى أنّهم أصحاب رؤوس أموال، هذه دولة لاأخلاقيّة!
من الأسس التي تستند عليها العنصرية وممارسوها التمييز بين الطبقات الاجتماعيّة حيثُ «يحتقرُ الأغنياءُ الفقراءَ ويتحكّمون بهم، فمُعاملة الفرد واحترامه مبنيّة على مكانته الاجتماعية» أليس مرسوم التجنيس استند إلى هذا الأساس من التمييز العنصري فمنح المجنسين من دول الجوار الجنسية اللبنانيّة فقط لأنّهم يصنّفون أغنياء ومنعها عن المستحقّين من أبناء اللبنانيّات بحجّة تمييز عنصري أيضاً؟ معايير كهذه يجب أن ترجم بالحجارة والأحذية أيضاً!!
كُنّا نتمنّى لو نظر رئيس البلاد باتجاه مواطناته اللبنانيّات وقال لهن أنا سأنصفكنّ وأولادكنّ وأكرّس حقوقكن بموجب حقّي بتوقيع مراسيم منح الجنسيّة، وليسجّل التاريخ إسمي كمنصف للمرأة اللبنانيّة، للأسف استخدم الرئيس حقّه فأبقى الجور والاضطهاد والتمييز واقعاً على المرأة اللبنانيّة ومنح الجنسيّة اللبنانيّة بمعايير ملتبسة و»سريّة»!
في كلّ دول العالم تمنح الجنسيّة للمستثمرين، ولكن في هذه الدول الشروط واضحة ومنشورة ومعروفة بأرقامها وتفاصيلها، وهذا أمر يحدث في دول العالم الأول الغنية والمستغنية، ويحدث كذلك في الدول الفقيرة التي تسعى للنهوض باقتصادها وكذلك شروطها فيه واضحة ومعروفة ومنشورة، إلا في لبنان، كلّ شيء فيه بدعة ما أنزل الله بها من سلطان!
الكلّ يبيعنا شعارات «الدولة» و»بناء الدولة»، الدولة «الكاذبة»و»المخادعة» و»التاجرة» لا تحظى باحترام مواطنيها، الدولة التي تدّعي الشيء وتفعل نقيضه دولة متفلّتة من أي منظومة أخلاقيّة، ما يحدث يُنذر بأزمة إجتماعيّة وإنسانيّة كبرى، وفضيحة مرسوم التجنيس هي قنبلة موقوتة على وشك الانفجار في وجه الجميع في اللحظة التي تنشر فيها الأسماء والجنسيات الأصليّة للذين منحهم المرسوم الجنسيّة اللبنانيّة في أمر هُرّب بليل!