عاد ملف الاملاك البحرية الى الواجهة مجدداً انما هذه المرة من باب التسوية والحلول. وخلال فترة السنتين التي ضاعت في المطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي كانت الاملاك البحرية أحد ابواب ايراداتها، استغلت لجنة الادارة والعدل هذه الفترة لتعد مشروع قانون يعالج هذا الملف ويضع حدا لتداعياته.
ألغت اللجان النيابية المشتركة في الجلسة الاخيرة التي عقدتها الاسبوع الماضي وأقرت خلالها سلسلة الرتب والرواتب، المشروع المحال من الحكومة والمتعلق بسبل استيفاء الرسوم والضرائب عن الاملاك البحرية واستبدلته بمشروع قانون جديد أعدته لجنة الادارة والعدل برئاسة النائب روبير غانم لتنظيم القطاع. وقد سبق للجنة ان عملت على اعدادة خلال السنتين الماضيتين.
في هذا السياق، شرح الامين العام لاتحاد المؤسسات السياحية البحرية جان بيروتي ان اللجان النيابية المشتركة أقرت مشروع قانون لمعالجة ملف الاملاك البحرية وأحالته الى الهيئة العامة.
وقال لـ«الجمهورية ان لجنة الادارة والعدل أعدّت هذا المشروع لمعالجته وليس لاجراء تسويات.
ورحّب بيروتي مبدئياً بالمشروع الجديد الا انه سجل تحفظه على الابقاء على مبدأ التسويات مع مفعول رجعي يعود الى 22 عاماً الى الوراء، مع ما لتطبيق هذا القرار من مضاعفات على القطاع.
عن مشروع القانون المعدّ، قال انه جدي ومنطقي في معالجة ملف اهمل على مدى 22 عاماً، انما كلفة الرسوم المفروضة باهظة. وأوضح ان المرسوم المعدّ يميز بين من يحق له قانوناً البقاء على الاملاك البحرية وينهي عمل المؤسسات المخالفة لكنه يجبرها في الوقت عينه على دفع الغرامات المتوجبة عليها قبل انهاء اشغالها للاملاك البحرية، لافتاً الى ان الغرامات مع مفعول رجعي تطال كلاهما.
تابع: ان بعض شاغلي الاملاك البحرية يحق لهم البقاء في هذه الاملاك قانوناً انما ظروف البلد وعدم معالجة الحكومات المتعاقبة لهذا الملف جعلت من بقائهم غير قانوني، بحيث لم تسمح الظروف بأن يستحوذ على ترخيص للاستثمار على الاملاك البحرية، ويأتي هذا القانون لتسوية اوضاعهم. اما البعض الاخر فهو مخالف وقد استولى على ارض تعود للدولة لذا سيأتي هذا القانون لينهي إشغاله لهذه الاملاك البحرية، مع دفع الغرامات المتوجبة عليه.
في هذا السياق، ناشد بيروتي الحكومة أن تجري حسومات على الغرامات على غرار ما تقوم به لبعض القطاعات، بحيث تصل الحسومات في بعض الأحيان الى 90 في المئة. نطالب بأن ترأف الدولة بالمؤسسات العاملة على الاملاك البحرية والتي تشغّل نحو 25 الف شخص على امتداد الشاطئ اللبناني، خصوصاً أنها عانت في السنوات الماضية من الركود والتراجع في الاعمال.
ولفت بيروتي رداً على سؤال الى ان النقابة تعترض على المفعول الرجعي المفروض على الغرامات، وهي شرحت موقفها هذا الى المسؤولين المعنيين انما لم تقترح في المقابل نسبة للغرامات انما طالبت بتسويات وتخفيضات للغرامات.
عن مضامين مشروع القانون هذا ، قال: ان هذا القانون في حال أقر سيمكّن المواطن من ارتياد الشاطئ بعد فتحه امامه اي للعموم، كما يتضمّن المشروع شروطاً بيئية مفيدة للشاطئ، وينظم الشاطئ بما يصب لمصلحة العموم والاستثمار، ويفرض على كل المؤسسات السياحية ان تبقي على أجزاء مفتوحه من مشروعها للعموم.
اما عمن يحق له الإبقاء على أملاكه البحرية وعليه اجراء التسوية فيجب أن يكون استثماره امام ارضه وليس امام ممتلكات الغير، او ان يملك عقارا خاصا متاخما، ان تكون المنشأة قائمة على الاملاك الخاصة وليس على الاملاك العامة بحيث تكون الاملاك العامة امتداداً لأملاكه، كما ينصّ القانون على ان المخالفين الذين يتخذون حالياً صفة الاشغال هم كالمستأجرين بحيث يحق للدولة ان تزيل منشأتهم ساعة تشاء من دون اعطائهم اي تعويض.
ورداً على سؤال، قدّر بيروتي نسبة المخالفين على الاملاك البحرية بـ 40 في المئة على امتداد الشاطئ اللبناني، متوقعاً ان يبقى فقط 60 في المئة من هذه الاشغالات، على ان يدفع الطرفان الغرامات. وشدد على ان ليس كل هذه المخالفات سياحية فمنها منشآت تجارية وصناعية وزراعية مخالفة، مقدراً نسبة المخالفات السياحية بـ40 في المئة فقط.
الاملاك البحرية… بالأرقام
جدير بالذكر ان الدولة أجازت إشغال ما يقارب المليونين و535 الف متر مربع بموجب مراسيم رسمية صادرة عن الدولة، والجزء الاكبر منها يصدر يومياً تبعاً للقوانين المرعية الإجراء ولحقوق الناس المعنية. لا تتجاوز نسبة الانشاءات على الاملاك العامة البحرية الـ 5 في المئة، وهو ما يسمح به القانون، أما النسبة الاكبر فهي عبارة عن مسطحات اي حدائق ومسابح، اما البقية فهي كناية عن ملحقات لمؤسسات سياحية بحرية موجودة ومؤسسات صناعية وتجارية وزراعية، وحتى محطات محروقات.
وكانت معظم المشاريع الكبيرة استحوذت على مراسيم بالإشغال. تبقى المؤسسات الصناعية والتجارية والبحرية الصغيرة والمتوسطة التي نشأت في وقت كانت فيه الدولة غائبة، لكن هذه المؤسسات استحوذت على تراخيص معينة وأقامت أعمالاً على الاملاك العامة البحرية ولا تزال تعمل في هذا الاطار حتى اليوم، وهي تنتظر تسوية اوضاعها منذ 22 عاماً، عبر صدور قانون من المجلس النيابي لتسوية الاشغالات على الأملاك العامة البحرية على غرار قانون تسوية مخالفات البناء الذي صدر في عهد حكومة الرئيس رفيق الحريري. وبحكم هذا القانون، يدفع هؤلاء الشاغلون ما يتوجب عليهم من ايجارات سابقة لتتم تسوية أوضاعهم أسوة بغيرهم.
يقارب مجمل الاشغالات على الاملاك العامة البحرية على طول الشاطئ اللبناني 8 ملايين متر مربع، 4 ملايين متر مربع ونصف تشغلها الدولة بشكل مخالف للقانون متمثلة بالبلديات، بعض المرافئ، الاشغالات العسكرية، المسابح العسكرية وردميات النفايات… اما المساحات القابلة للتسوية، فهي تقارب المليونا و200 الف متر مربع. يبقى أن الدولة أصدرت حتى الان مراسيم اشتراعية بإشغال أملاك عامة بحرية بـ مليونين و300 الف متر مربع.