Site icon IMLebanon

هل أخطأ النواب بتسمية نواف سلام؟!

 

 

من المفيد مراجعة النفس في كل ليلة.. أن تفكّ أسر نهارك من ساعات الحدث المليئة باختباراتٍ متجدّدة للصواب والخطأ، ثم تنسج بخيوطه شعاع الشمس في يومٍ آخر. سؤال، وسؤال، وبعده سؤال، والجواب يحمل دائماً «الله أعلم». تماماً كتفسير الملحّن العبقري هاني شنودة لموسيقى فيلم «المشبوه» للزعيم عادل إمام. هل سيتوب المجرم؟ هل سيغيّره الحب؟ هل سيتركه الظابط؟… لحن تساؤلاتٍ كثيرة والموسيقى تجيب: «الله أعلم». وما على المشاهد المنبهر بسحر الصوت والصورة وأداء الزعيم الإنساني والخيالي إلّا أن يستمر بطرح الأسئلة على نفسه في هذه القصة والتحفة الفنيّة الرائعة حتى إلى ما بعد نهاية الفيلم إنتاج العام ١٩٨١ للكاتب إبراهيم الموجي والمخرج سمير سيف.

وفي قصّتنا نحن اللبنانيين مع العهد الجديد، أسئلة كثيرة ترافق بدايته وانطلاقته السريعة بعد انتخاب العماد جوزاف عون رئيساً للجمهورية، ودعوته الفورية إلى إجراء الإستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة بعدما ساد الخبر اليقين بانسحاب التوافق الكبير في انتخابات الرئاسة الأولى على توافق مماثل على بقاء الرئيس نجيب ميقاتي في موقع الرئاسة الثالثة حتى منتصف الليل الأخير، وهو الأكثر وسطية بين المرشحين، فيما يغيب التوافق بين مرشحي المعارضة التي انقسمت بين عدة أسماء تصدّرها النائب فؤاد مخزومي الذي ظهر بصورة المرشح الذي لا يلائم انطلاقة العهد التوافقية. والمفاجأة كانت في اليوم التالي مع انسحاب مخزومي لصالح ترشيح القاضي الدولي نواف سلام الذي يحظى بقبول أكبر كونه من خارج الطبقة السياسية التقليدية ويُعوَّل على نزاهته وقدرته على التواصل بأريحيّة أكبر مع المكونات الوطنية كافةً بما في ذلك أطراف عديدة كانت قد تريثت، أو كانت أعلنت قرارها تسمية الرئيس نجيب ميقاتي قبل أن تتراجع عن ذلك بسحر ساحر في الداخل والخارج.

 

يُشكر الرئيس نجيب ميقاتي على جهوده وتحمّله لأعباء تصريف الأعمال لأكثر من سنتين. ويُشكر على أدائه الدبلوماسي المميّز في أخطر مراحل الحرب والعدوان على لبنان، وعلى دوره الأساسي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. ولا شكّ أن ترشيح ميقاتي لموقع الرئاسة الثالثة في العهد الجديد لم يكن خطأً في الحسابات، وإنما تجاوباً مع ارتفاع أسهم ترشيحه قبل الاتفاق على ترشيح نواف سلام، وتحملاً لمسؤولياته الوطنيّة. وقد أثبت الرئيس ميقاتي أنه غير متمسّك بالمنصب، وأعطى إشارات إيجابية لجميع النواب الذين قاموا بتسميته أو بتسمية نواف سلام مُرحّباً بتكليفه ومتمنياً له كل النجاح والتوفيق.

 

لكن فعلياً، هل أخطأ النواب بتسمية نواف سلام؟ هل أخطأت المعارضة تحت ضغط الخارج أو لمصالحهم الضيقة بفرض تكليف رئيس حكومة دون تأييد أي صوت لنائب شيعي في البرلمان؟ هل أخطأ رئيس الجمهورية بالإسراع في إجراء الإستشارات النيابية الملزمة قبل تشاور النواب والكتل النيابية فيما بينها لمحاولة التوافق على شخص الرئيس المكلف؟ وهل أخطأ الرئيس عون في رفضه تأجيل الإستشارات مع المكوّن الشيعي، فجاءت النتيجة صفر تأييد شيعي لتسمية نواف سلام أو أي مرشّح كان يمكن التوافق عليه بعد انسحاب مرشحي المعارضة؟ وأخيراً هل يمكن للرئيس المكلّف تجاوز الأخطاء السياسية التي حصلت في طريقة تسميته، فلا يقع في أخطاء التشكيل أو يُدفع إلى عزل أي مكون طائفي أو وطني، فيكون ذلك مقدمةً لاعتذاره عن التكليف، أو لحجب الثقة عن حكومته العتيدة وفق الأصول الدستورية؟ الله أعلم.