مرة جديدة يدفع اللبنانيون ثمن ما يجري في المنطقة، ويدفعون ثمن ارتباطهم بكل الملفات التي تجعل اتخاذ القرار محلياً امرا صعبا لا بل مستحيلاً. لم يعد بالإمكان التحرك في الملف الحكومي، فالأمور باتت في مكان آخر، والبحث بات يتعلق بكيفية اعتذار الحريري، وموعد هذا الإعتذار، وما الذي سيجري بعده.
أبلغ رئيس الحكومة المكلف مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان اقتراب توجهه نحو الاعتذار، معددا أمامه الأسباب الموجبة لذلك، ويسعى الحريري من خلال المشاورات التي يجريها مع أقطاب الطائفة السنية في لبنان، الحصول على دعم جامع قبل الاعتذار، لكي لا يقال مستقبلا ان الحريري فرّط بصلاحيات الرئاسة الثالثة، وأنه يتخذ القرار لوحده.
لا تزال الصورة غير واضحة بالنسبة لمرحلة ما بعد الاعتذار، وهناك أكثر من سيناريو مطروح على طاولة البحث، بحسب مصادر سياسية مطلعة، مشيرة الى أن فريق رئيس الجمهورية ميشال عون يحاول تسويق إسم فيصل كرامي لرئاسة الحكومة، ولكن حظوظ الأخير قد لا تبدو مرتفعة بسبب علاقته الوطيدة مع الأتراك، الأمر الذي قد يثير حفيظة دول خليجية معنية بالملف اللبناني.
وتضيف المصادر: «إن محاولات فريق الرئاسة قد تصطدم بمخطط الحريري ورؤساء الحكومات السابقين، والذين بات لهم كلمة عليا في اختيار إسم أي رئيس مكلف، خاصة أن لدى هؤلاء خطة مختلفة باتت تظهر بعض ملامحها، وهي تقوم على تبني ترشيح السفير نواف سلام».
عندما كانت الإيجابيات طاغية في الملف الحكومي منذ ١٠ أيام تقريباً، كان لنواف سلام إطلالة تلفزيونية كانت بمثابة اعلان برنامج ترشحه لرئاسة الحكومة، ويومها استغرب كثيرون توقيت الإطلالة، والذي أصبح أوضح اليوم بعد اقتراب اعتذار الرئيس المكلف. وفي هذا السياق تشير المصادر إلى أن إسم نواف سلام عاد ليطرح بقوة في الأوساط النيابية، وبحال اعتذر الحريري وقرر تبني إسم سلام، فإنه حكما سيكون رئيس الحكومة المكلف الجديد.
وتكشف المصادر أن إسم سلام الذي كان يحظى بموافقة نواب «القوات اللبنانية»، وغيرهم من الذين استقالوا، وسيحصل على مباركة «تكتل لبنان القوي»، لان إسم سلام هو من الأسماء التي قيل أنها اقترحت سعوديا واميركيا، والتكتل اعلن مرارا رغبته بتزكية أي اسم تدعمه وتختاره المملكة العربية السعودية.
كذلك لن تعارض «كتلة التنمية والتحرير» إسم سلام بحال دعمه الحريري و»نادي رؤساء الحكومات السابقين»، فرئيس هذه الكتلة نبيه بري يملك موقفاً واضحاً بأنه مع الحريري أو من يزكيه الحريري، كذلك هو موقف حزب الله، الذي كانت لديه بعض علامات الإستفهام حول إسم سلام، وتؤكد المصادر أنه بحال اتجهت الأمور الى هذا المكان، فقد لا يتبنى نواب حزب الله ترشيح نواف سلام، ولكنهم لن يعارضون.
كل هذه السيناريوهات باتت تملك حظوظا أكبر من حظوظ تشكيل الحكومة برئاسة سعد الحريري، ولكن تعود المصادر للتذكير، بأن توقيت الإعتذار لا يعلمه اليوم سوى الحريري نفسه، مشيرة الى أن هناك أكثر من احتمال للدرس، منهم أن يحتفظ بالتكليف الى ما قبل الانتخابات النيابية المقبلة بـ ٦ أشهر، وهذا الطرح يدعمه «صقور» في الطائفة السنية، فهل يختار الحريري طرقاً أخرى، كدعم نواف سلام، فيحرج الجميع؟