IMLebanon

نازيون ممانعون حول مضايا

«سجل برأس الصفحة الأولى أنا لا أكره الناس ولا أسطو على أحد ولكنني إذا ما جعت آكل لحم مغتصبي حذار حذار من جوعي ومن غضبي» (محمود درويش)

لم تكن قضية التطهير العرقي في أوروبا، وبالتحديد ما ارتكبه النازيون في الحرب العالمية الثانية، مجرد دعاية صهيونية لاستدرار عطف العالم لدعم قضية اليهود. فعلى الرغم من حملات التشكيك بأرقام الضحايا التي قام بها كتّاب كبار إنسانيون مثل روجيه غارودي في كتابه «الأساطير المؤسسة للسياسات الإسرائيلية»، وعلى الرغم من محاولات إنكار وتهرب من المسؤولية من قبل الكنيسة المسيحية التي تغاضت عن السياسات النازية، لكن الوقائع التي ظهرت بالصورة والشهادات كانت غير قابلة للإنكار، فبغض النظر عن حقيقة أعداد شهداء تلك الحملة التي شملت إلى اليهود، سلافيين وغجراً ومثليين ومعاقين ألماناً، شارك آباؤهم وأمهاتهم في قرار تصفيتهم في سبيل «تنقية العنصر الجرماني من الشوائب!»، فما يهم إن كان العدد ستة ملايين أم عشرة؟ وما الفرق لو كان العدد مليوناً أو نصف مليون؟ وما الفرق لو كانوا خمسين الذين استهدفوا لمجرد نوعهم أو عرقهم أو معتقدهم أو مذهبهم أو قدراتهم العقلية؟ 

عندما كتب «ادولف هتلر» دستور ألمانيا النازية في كتاب «كفاحي» أثناء وجوده في السجن سنة بعد شل عصيان «قاعة البيرة» في ميونيخ ، تحدث عن «حل نهائي» لمسألة الوجود اليهودي العريق في أوروبا. أجمعت معظم التحليلات بأن مقصده يومها كان الترحيل وليس الحرق أو القتل، والواقع هو أن إجراءات المحارق لم تبدأ إلا بعد افول زمن الإنتصارات النازية الكبرى بين سنتي و، بعد فشل الألمان في معركة لينينغراد، وأصبحت أحلام هتلر بالحفاظ على «باحة ألمانيا الخلفية» وإخضاع العالم بأسره في مهب الريح. 

لكن هل تهجير البشر واقتلاعهم من بيوتهم أو أرزاقهم جريمة أقل من القتل؟

اليوم بعد مشاهدة ما يحصل في مضايا على يد جماعة الولي الفقيه من قوات مشتركة لشبيحة الأسد مع مجاهدي نصر الله ، أصبح واضحاً بأن يأس مشروع الولي الفقيه من السيطرة على سوريا بأكملها كـ«باحة خلفية»، دفع أتباعه إلى الإكتفاء بما سمّي سوريا النافعة، ويبدو اليوم أن دخول «حزب الله« إلى سوريا هو جزء من مشروع «الحل النهائي» المدعوم بفتوى من كتاب «الجمهورية الإسلامية « لتطهير مذهبي في المناطق المتاخمة للبقاع الأوسط والشمالي، ربما للتحضير للمرحلة القادمة التي ستشهد كما يبدو تغييرات كبرى في الخرائط السياسية وفي الديموغرافيا.

مضايا محاصرة رغم دخول قوافل المساعدات، كما حاصر الإسكندر صور قبل إحراقها وكما حاصر البرابرة روما قبل اجتياحها وكما حاصر التتار بغداد قبل إغراق مكتبتها في النهر، وكما حاصر الصهاينة قرى دير ياسين وقبية قبل ان يقتلوا سكانها. أهل مضايا مهددون بالإبادة لمجرد كونهم من مذهب لا يؤمن بعصمة الولي الفقيه ولا بشرعية بشار ولا بصدق وعد نصر الله الذي استضاف أهل مضايا جمهوره قبل أن يغدر بهم. لكن المؤلم هو موقف «جمهور المقاومة» الساخر والشامت بعذابات من حضنهم في الماضي القريب!

مضايا يحاصرها نازيون جدد اتخذوا المذهب بديلاً عن العنصرية، وكما ساهم العالم المتغاضي والساكت عن هتلر عشية الحرب العالمية الثانية في تشجيعه على إنشاء المحرقة، هل يتعلم العالم اليوم كيف يمنع النازيون الجدد من تطهير بشري جديد؟