إحتفلت الكنيسة الكاثوليكية في العالم، أمس، بعيد القديس فرنسيس شفيع قداسة البابا فرنسيس الأوّل. وهو أحد شفعاء الكنيسة البارزين، وسيرة حياته حافلة بالحب المطلق، دونما حدود، للآخر وللحيوان وللطبيعة… وقد ترك «دار العز» وانصرف الى حب العباد باعتباره الطريق المباشر الى اللّه. وللقديس فرنسيس أقوال خالدة منها: «كل الظلام في العالم لا يقدر أن يطفىء نور شمعة واحدة»… و»شعاع شمس واحد يكفي لإبعاد الكثير من الظلام».
ومن أقواله المأثورة، ما يعنينا في هذه العجالة وهو الآتي: «إبدأوا بفعل الضروري، ثم الممكن، وفجأة تفعلون المستحيل».
ويبدو أن هذا التدرج الثلاثي بين الضروري والممكن والمستحيل هو ما حفلت به الساعات الأربع والعشرون المنصرمة التي شهدت «الضروري» متمثلاً في الكلام الذي حمل رسائل إيجابية في إتجاهات عديدة الذي صدر عن العماد ميشال عون في حواره التلفزيوني (برنامج «بلا حصانة» مع الزميل جان عزيز عبر شاشة قناة OTV).
كما شهدت تلك الساعات التي مضت «الممكن» من خلال البيان – النداء الذي صدر عن بكركي أمس في حضور تجمع غير مسبوق للأساقفة برئاسة نيافة الكاردينال غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والذي اعتبر تحفة في قول كل شيء من دون أي «آثار جانبية»… فقد التزم هذا النداء بكلام سيد بكركي متبنياً إياه كلياً ولكن دائماً من منطلق الحرص الأكيد على الوحدة الوطنية. وهو حرص تراثي في بكركي التي أُعطيت مجد لبنان عن جدارة كونها وضعت الحجر الأساس في بناء هذا الوطن وكيانه…
وشهدت تلك الساعات أيضاً ما يلوح منه «المستحيل» من خلال المواقف الإيجابية التي صدرت عن عين التينة تلميحاً وتوضيحاً، مباشرة أو بلسان نواب «لقاء الأربعاء»… فإذا الرئيس نبيه يخرج من الفخ الذي وجد نفسه واقعاً فيه وكأنه يقف في وجه المسيحيين ويعاندهم من دون سبب، ويحول دون قيادتهم الأكبر والوصول الى رئاسة الجمهورية، ويكايد مرجعيتهم الروحية (والوطنية) الأولى… هكذا أظهرت بضعة تصرفات الرئيس نبيه بري… ولكنه أثبت أمس، مرة جديدة، أنه نبيه إسماً وفعلاً. فتلقف الإشارة التي صدرت عن الرئيس العماد ميشال عون في المقابلة التلفزيونية، كما تلقف البيان – النداء الصادر عن بكركي، وقال في الكلامين ما اعتبره الجميع بأنه بداية مشوار الألف ميل نحو المستحيل. والمستحيل، هنا، هو ما يرتبط برئاسة الجمهورية موعداً وانتخاباً ونتائج و… لا مفاجآت! على غرار المفاجأة التي طلع بها أمس بتغييبه السلّة ليستل من القبعة أرنب «الثلث المعطّل».
لقد شبعنا سلبيات.
وكفانا مناكفات.
واشتقنا الى الإيجابيات.
أمس هبت إيجابيات ثلاث، ليتها تكتمل كما يأمل اللبنانيون، وكما يريد المسيحيون وكما يتمنى اللبنانيون جميعاً وهو أن يكون لنا رئيس، بل الرئيس كامل الأوصاف… على ألاّ يفتح «الثلث المعطّل» الباب على العودة الى نقطة الصفر.
وشفاعتك يا مار فرنسيس.