Site icon IMLebanon

«حوار الضرورة» ينتج مسكّنات وتنفيس احتقان

الاعتدال السني أول أهداف التكفيريين

«حوار الضرورة» ينتج مسكّنات وتنفيس احتقان

بعدما أدرك الجميع أن ما يستهدف لبنان من التنظيمات الارهابية التكفيرية هو جزء مما يجري في المنطقة، صار لزاماً عدم الخلط بين الصراع السياسي والمحرمات التي يفترض عدم تجاوزها في عملية إدارة هذا الصراع، لأن قوى التكفير تنطلق من مبادئ تقوم على إلغاء الآخر اذا لم يلتزم بمبادئها وأفكارها.

ولأن لبنان بلد تشترك فيه كل الاديان والطوائف، وبنسب متقاربة من حيث المكونات، بالتالي ثمة إدراك ان القوى التكفيرية تستهدف الصيغة اللبنانية والعيش الواحد. ولذلك فإن مشروع «الجهاد» المتطرف لا يرتبط بحسابات داخلية. هو يشكل تهديداً لكل المكونات، وبشكل اساسي للاعتدال السني الذي يلتزم بسقف الدولة وبمظلة الطائف، فهذا الاعتدال هو الأكثر عرضة وتهديداً مستقبلا من الذين يطمحون لإقامة «دولة الخلافة الاسلامية».

وعلى الرغم من ان التكفيريين يملكون امكانات كبيرة، الا ان الاحداث المتتالية، لا سيما على الحدود الشرقية ـ الشمالية، بيّنت لهؤلاء عدم وجود بيئة حاضنة بالمعنى الفعلي لهم، والمناطق التي حاولوا تكريسها كمقر وممر، تضررت من عدوانيتهم ودفعت الثمن، بعدما استقبلتهم نازحين ثم تحولوا الى مسلحين تكفيريين. من هنا تكمن الأهمية الكبرى المتمثلة بفتح الحوار بين المكونين الأساسيين في قوى «8 و14 آذار»، أي «حزب الله» و «تيار المستقبل» والذي انطلق على قاعدة إدراك مخاطر هذه القوى المتطرفة التي تستهدف لبنان.

الا ان ما يقلق هو استمرار التعاطي بسياق خطير مع ملفات الارهابيين الموقوفين امام القضاء، بما يتناقض مع ما اعلن على المستوى السياسي لجهة الوقوف الى جانب الاجهزة والمؤسسات المعنية ودعمها في التصدي للتكفيريين. فمن يتابع جلسات المحاكمة في المحكمة العسكرية للموقوفين الارهابيين يدرك أن هناك قوى تتعامل بعدم مسؤولية سياسية مع ملفات هؤلاء. فمثلا في ملف موقوفي عبرا، الذي يضم 53 موقوفاً ومصنف تحت عنوان ارهاب، كانت المفاجأة منذ الجلسة الاولى للمحاكمة، ان لكل موقوف اكثر من محام توكّل للدفاع عنه، ولم تضطر هيئة المحكمة ان تطلب من نقابة المحامين توكيل محام عن كل موقوف.

ويدعو مصدر سياسي لأن يكون التوجه الى «تنفيس الاحتقان شاملا لكل الاتجاهات وينطلق من ارادة حاسمة بعيدة عن اية حسابات ظرفية وانتخابية، لأن مستوى الخطاب لم يتراجع كثيراً. والقول إن الحوار سيستمر لأنه ضرورة اسلامية او ضرورة مسيحية يبرهن ان الامور عبارة عن مسكنات لا أكثر، وان لا إتمام للاستحقاقات، ومنها الرئاسي. كما ان الإبقاء على سقف معين من الخطاب استناداً الى عدم وجود بدائل، يعني ان الاعتدال يضعف نفسه بنفسه، بعدما ثبت ان إضعاف الاعتدال يعني ان البديل هو تنظيم القاعدة وذريته من داعش وجبهة النصرة ومن يدور في فلكهما، بعدما عاد الاميركيون وأحيوا ونفخوا القاعدة في اليمن في مواجهة الحوثيين، اذ صدقت التوقعات بأن النتيجة الوحيدة التي سيخرج بها الاميركيون منذ اليوم الاول للحراك في اليمن هي إعادة إحياء القاعدة، وبالتالي دخل اليمن في أتون الحرب الاهلية، من هنا خطورة الاستهانة في التعاطي مع ملف الارهاب التكفيري لبنانياً».

ويشدد المصدر على وجوب «اعتماد خطاب وطني جامع والتركيز على الوحدة الوطنية، والدفع باتجاه موقف سياسي واحد داخل الحكومة وعلى مستوى السلطة ومن قبل كل الفرقاء السياسيين، لأن ضمان السيادة والوحدة امور ينبغي ان تكون في صلب اي سلوك سياسي وإعلامي، واذا تم التوافق على خطاب وطني يمكن إحباط اي محاولة للارهاب الباحث عن ملاذ على اي بقعة لبنانية، بدل التلهي بآلية للعمل الحكومي محددة وساطعة في متن الدستور».