IMLebanon

“تشريع الضرورة” يفعِّل المجلس بعد الحكومة تفاهم برّي – السنيورة ولا قلق من تعطيل مسيحي

اعتباراً من يوم غد، موعد بدء العقد الثاني من الدورة العادية للمجلس النيابي، يصبح في إمكان رئيس المجلس نبيه بري توجيه الدعوة الى جلسة تشريعية عامة طال انتظارها، وتحديداً منذ سريان التمديد الثاني للمجلس.

نجحت القوى السياسية الفاعلة في إنقاذ التمديد من الاعتراضات المسيحية والتداعيات السلبية التي لفحته على خلفية رفضها له في ظل عدم إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإبقاء كرسي بعبدا شاغراً، ونجحت ايضاً في اعادة انعاش الحكومة بعد تعطيل كاد يودي بحياتها، لكنها لم تتمكن من دفع الحكومة الى إصدار مرسوم فتح دورة استثنائية لتفعيل المجلس بعد التمديد. وقد بدا الامر كأنه تعويض معنوي للفريق المسيحي المتضرر من الشغور الرئاسي.

كان رئيس المجلس المتضرر الاكبر من تعطيل البرلمان، لأن شل المجلس هو شل لإنتاجيته وتعطيل لعمل السلطة التشريعية والقوانين التي تشكل عصب الحياة الاقتصادية.

لم يعد بري اليوم تحت سيف الحكومة، بعدما استعاد زمام المبادرة مع بدء الدورة العادية الثانية للمجلس. وهو لن يفوت فرصة الدعوة الى جلسة عامة مع التزامه الظروف التي حالت دون التشريع سابقاً. فكانت الدعوة تحت شعار “تشريع الضرورة”.

صحيح أن هذا الشعار قد يوحي أن جدول الاعمال سيكون محدوداً بالبنود الملحة والضرورية، ولكن الاشهر الطويلة من التعطيل التشريعي دفعت الملفات الملحة الى التراكم، وبات متعذراً حصرها ببند او اثنين، خصوصاً ان كل البنود التي يجري البحث في إمكان إدراجها على جدول الأعمال تتسم كلها بطابع العجلة والضرورة.

كان الدخول الى “تشريع الضرورة” ذكياً، إذ جاء من باب تحريك ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي عطّل جلسة التشريع اليتيمة قبل اشهر، عندما رفعها بري بسبب عدم التوافق على بعض البنود الضريبية لتمويل السلسلة.

وفي المعلومات المتوافرة الآن عن بنود الضرورة التي ستدرج في جدول الأعمال الآتي:

– مشروع قانون الموازنة العامة.

– سلسلة الرتب والرواتب من حيث وصلت اليها الجلسة الماضية.

– مشروع قانون سلامة الغذاء.

– قانون ضريبة النفط.

– مجموعة قوانين مالية تتعلق بمكافحة تبييض الاموال والتعاون مع المؤسسات الدولية في مكافحة تمويل الارهاب.

واللافت انه في حال توصل المجلس الى فتح ابوابه امام مناقشة هذه المشاريع واقرارها، فان هذا يعني عملياً انه استعادنشاطه التشريعي من باب الضرورة!

وفي المعلومات ايضاً، ان مبادرة الرئيس بري الى الدعوة الى جلسة عامة لم تأت من فراغ، بل جاءت نتيجة سلسلة اتصالات ومشاورات مع القوى السياسية التي وضعها امام مسؤولياتها حيال مخاطر التأخر في اقرار المشاريع التي تحتاج اليها البلاد لتسيير شؤونها والحفاظ على سمعتها وصدقيتها.

وعلم في هذا المجال ان اجتماعاً عقد قبل ايام قليلة بين بري ورئيس كتلة “المستقبل” الرئيس فؤاد السنيورة تم خلاله التشاور في هذا الموضوع. وبحسب المعلومات التي رشحت عن الرجلين، ان البحث تناول الموضوع من حيث المبدا، وكان التوافق على ضرورة فتح المجلس امام التشريع الملح. لم يتطرق الاجتماع في شكل تفصيلي الى موعد الجلسة الذي ترك لرئيس المجلس اختيار التوقيت المناسب لها، او لجهة جدول الأعمال. لكن التفاهم تركز على ان يكون الجدول محصورا بالبنود الملحة وتحت عنوان الضرورة، انطلاقاً من اقتناع الرجلين بضرورة الاخذ في الاعتبار الموقف المسيحي وعدم استفزاز هذا الفريق الذي يتمسك برفض التشريع قبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وعزت مصادر الرئيسين بري والسنيورة التريث في الدعوة الى جلسة عامة الى انتظار اكتمال عقد النواب في ظل غياب عدد منهم، ولاسيما من اعضاء هيئة المكتب او نائب رئيس المجلس فريد مكاري الذي يترأس جلسات اللجان النيابية المشتركة. ورفضت اوساط السنيورة ما تردد عن تكليف رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابرهيم كنعان ترؤس اجتماعات اللجان، على قاعدة ان ترؤسها ليس معقوداً لنائب بل لرئيس المجلس او نائبه وهو ما يعني ان اللجان لن تجتمع في غياب مكاري، اذا تعذر على بري ترؤسها.

ونقلت المصادر عن السنيورة رفضه التوسع في مفهوم التشريع انطلاقا من التزام “تيار المستقبل” هواجس الفريق المسيحي، ولئلا يصبح الامر وكأن وجود رئيس للجمهورية او عدمه سيان.

وتكشف المصادر ان السنيورة يأمل في اعطاء الملف المالي الاولوية نظرا الى اهمية اقرار مشروع الموازنة.

لكن وضع مشروع الموازنة على جدول اعمال الهيئة العامة لا يزال دونه عقبات اولاها ان المشروع لم يعرض ولم يناقش بعد في مجلس الوزراء، وان يكن وزير المال علي حسن خليل قد رفعه ضمن المهلة الدستورية الى المجلس، كما ان اقراره يشترط انجاز الحسابات المالية العالقة التي لا تزال تحول دون اصدار الموازنات.

امام مشروع الموازنة عائق آخر. فالمشروع الذي رفعه خليل، لحظ المواد الايرادية لتمويل سلسلة الرتب، وحدد العجز بنحو 7300 مليار ليرة، يرتفع الى نحو 9 آلاف اذا لم تقر موارد جديدة لتمويل السلسلة، لكن المشروع لم يفصل ابواب الانفاق وأوجهه، مما قد يستدعي اعادة نظر في ارقامه.

لكن الأكيد والثابت حتى الآن ان جلسة عامة ستعقد، وان تسوية للملف المالي يجري انضاجها تكون ثمرة لأجواء التفاهم والحوار القائم على المحور السني – الشيعي. اما الرئاسة، فتبقى في عهدة تفاهم المسيحيين!