تعود الى الواجهة قضية التشريع في المجلس النيابي والتي باتت تعرف بـ«تشريع الضرورة» ولكن من زاوية مختلفة عن كل المرات السابقة حيث تبدو الحاجة ملحة الى ممارسة المجلس النيابي لدوره التشريعي والرقابي في ظل الشغور الرئاسي الطويل الامد كما تشير كل المعطيات السياسية الداخلية. وقد اعتبرت مصادر نيابية بارزة انه على الرغم من صعوبة الاتفاق النيابي على حضور جلسة التشريع العامة التي كان دعا اليها الرئيس نبيه بري، فان الظروف الراهنة قد املت واقعا مختلفا عن السابق وهو قد وضع كل الكتل النيابية خاصة المعارضة منها للتشريع النيابي في ظل الشغور الرئاسي امام قرار صعب، وذلك كون البنود المدرجة على جدول اعمال «التشريع الضروري» تتميز بطابع السرعة وهي مرتبطة بمواعيد دستورية داهمة ومنها على سبيل المثال مشروع قانون الموازنة العامة، واضافت هذه المصادر ان الكتل الرافضة للجلسة التشريعية، تنطلق من اعتبارات مختلفة لدى كل واحدة منها، ومن ثوابت مبدئية وضعتها منذ بداية الشغور الرئاسي عندما اقتنعت عن المشاركة باي جلسة نيابية تشريعية كانت ام للمناقشة العامة فيما يعجز المجلس النيابي عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب مقاطعة بعض الكتل، واضافت ان هذا كان الموقف المعلن لكتلة حزب «الكتائب اللبنانية» لكنه يتقاطع ايضا مع موقف مماثل لكتلة «القوات اللبنانية» التي تشترط ادراج قانون الانتخاب على جدول اعمال جلسة «تشريع الضرورة المرتقبة».
لكن في المقابل اضافت المصادر النيابية البارزة، فانه من غير المقبول وبسبب ما اعتبرته «مزايدات» من قبل كتل معينة في فريقي 8 و14 آذار من دون تمييز، ان يمتد الشلل الى مؤسسة مجلس النواب فيما تتعطل رئاسة الجمهورية منذ اشهر بسبب الانقسام السياسي الحاد المحلي والاقليمي. وقالت ان اي مقاطعة من اي جهة او كتلة نيابية للجلسة التشريعية التي يدعو اليها رئيس المجلس، لن تساهم سوى في زيادة التعقيدات على المشهد السياسي الداخلي المحتقن من جهة والى رفع منسوب السجال غير المفيد والمزايدات «السياسية» حول الاستحقاق الرئاسي والربط بينه وبين مهام المجلس النيابي التشريعية وبالتالي العودة الى الاجواء التي سادت منذ اشهر لدى طرح الجلسة التشريعية وتباين المواقف النيابية ازاءها ولاسباب وذرائع متعددة وليست كلها «دستورية».
وقالت المصادر نفسها انه من غير العادل الحديث عن معارضة نيابية مسيحية فقط للتشريع والذي اطلقت عليه كتلة مسيحية تسمية «تشريع الضرورة» منذ البداية، ولكنها استدركت لافتة الى ان تقاذف المسؤولية بالتعطيل النيابي وبالاساءة الى العمل المؤسساتي اضافة الى مواصلة مجلس النواب مهامه بشكل طبيعي على الرغم من عدم قدرته على انتخاب رئيس جديد للجمهورية، قد وضع الكتل امام اختبار الذهاب الى «تشريع الضرورة» ولو انهم سبق وان رفضوا «انتخاب الضرورة» كما اسمته المصادر بين مواقف كتلة «القوات» وكتلة «الكتائب» وكتلة «التيار الوطني الحر» التي تعارض كل منها الجلسة التشريعية المرتقبة ولاسباب سياسية ودستورية مبررة. واضافت ان هذا الواقع لا يمنع ان «القوات» قد وافقت ومن حيث المبدأ على تشريع الضرورة ولكنها في الوقت نفسه تستغرب ان تقدم الكتل النيابية التي تقاطع جلسات الانتخاب الرئاسية، على التشجيع والمشاركة في الجلسة التشريعية العامة. وخلصت المصادر الى انه وبصرف النظر عن الاعتبارات والمبررات للحضور او للمقاطعة، فان الجلسة التشريعية العامة باتت ضرورة لاقرار مجموعة قوانين منجزة من اللجان النيابية المشترك واقرار مشاريع اتفاقات مالية من هبات وقروض ميسرة لتمويل مشاريع انمائية واقتربت نهاية المدة الزمنية لافادة لبنان منها.