«الآن، وفي هذه الظروف العاصفة، نستشعر الحاجة الى… نبيه بري سنّي».
يسأل ضاحكاً «شو قولكن تعطونا الاستاذ ؟»…
هو رجل أعمال بيروتي بارز، اقامته في احدى بلدان الخليج العربي. آثر أن يفتح قلبه لنا «لأنني أكاد أنفجر من الستار الحديدي الذي أقامه البلاط السعودي. الحكم بات بوليسياً. حين يتكلم رجال الأعمال حتى مع عائلاتهم يضعون أجهزة الهاتف المطفأة في غرفة مقفلة. الأشباح في شقوق الجدران».
يتوقف عند اليد التي صنعت تلك المعادلة السحرية «نبيه بري وحسن نصرالله». بدا «وكأننا، في الطائفة السنية، ممنوعون من ذلك».
رجل الأعمال الذي له موقعه الحساس، وعلاقاته الحساسة، أكد لنا أنه يتكلم من خلال تجربة طويلة، وعميقة، وربما معقدة أيضاً.
قال «الايرانيون شعب يلاحقه الارث الأمبراطوري. يريدون أن يكون لهم أتباع لتحقيق خططهم الجيوسياسية من الهضبة الفارسية وحتى شواطىء المتوسط، وان كنت واثقاً من أن آية الله خميني كان صادقاً، وحقيقياً، حين رفع العلم الفلسطيني فوق السفارة الاسرائيلية في طهران. ولكن ليس كل الايرانيين يفكرون هكذا».
في رأيه، «الايرانيون قد يكونون فكروا بمنطق الاستتباع، لدى انشاء «حزب الله» الذي بدأ مكفهراً، ومغلقاً، ولا مكان لديه للرأي الآخر، لا بل أنهم وضعوا تصوراً للجمهورية الاسلامية في لبنان، قبل أن يفاجأوا بظهور تلك الشخصية الفذة، أي حسن نصرالله».
قال «هكذا يبرز القادة التاريخيون. التاريخيون؟ لا، لا. أقصد الذين يغيّرون وجه التاريخ. لم أعلّق يوماً صورة لـ«السيد»، لا بل أن أفراداً من عائلتي مأخوذون بالرئيس رفيق الحريري، ومن بعده ابنه سعد. لكن لا يمكن أن أنظر اليه بكراهية. هناك صفة خارقة لدى الرجل الذي دحر الاحتلال الاسرائيلي وحال دون تطبيق ثقافة الثأر. هذا نسق من القادة قلّ نظيره».
رجل الأعمال لا يتصور أن القيادة الايرانية «وقد يكون فيها شيء من كسرى أنو شروان، تنظر من أعلى الى «السيد» الذي أنا واثق من لبنانيته، ومن عروبته. هو يتعامل مع تلك القيادات على أساس الند للند. أعتقد أن أعتى أعداء ايران و«حزب الله» مقتنعون بذلك».
يضيف «لا شك أن الايرانيين سألوا في البدايات من هو ذلك الرجل الذي يدعى نبيه بري، وقد يكونون فكروا، أو عملوا، لازاحته، بطريقة أو بأخرى، عن المسرح، قبل أن يتبين لهم أن رئيس المجلس النيابي الذي قد لا يتماهى معهم في بعض المسائل الايديولوجية أو الاستراتيجية أكثر من ضرورة اذا ما أخذت بالاعتبار البنية الفلسفية، والتاريخية، للدولة في لبنان». في اعتقاده أن السعوديين الشوفينيين على غرار الايرانيين، وربما أكثر, لا يستطيعون أن ينظروا الى أي زعيم سني لبناني سوى أنه ظل لهم. لا يحيد قيد انملة عن نهجهم وعن نظرتهم الى الأمور.
يرى أن الرئيس رفيق الحريري كان شخصية «كاريزماتية باهرة». ولقد تمكن من «التوغل في عمق الشخصية السعودية»، بوجه خاص العائلة المالكة والماكنة التي تعمل معها. سعد الحريري الذي دخل، في ظروف تراجيدية، عالم السياسة، لا يدّعي الحنكة ولا الدهاء. ليس الأب ولا يمكن أن يكون الأب.
في أحيان كثيرة «بدا الشيخ سعد وكأنه داخل غابة. مشكلته أنه عالق بين الحليف الذي يتعاطى معه كوديعة ، وبين الخصم الذي يلاعب نقاط ضعفه. وأنا أسألك ما الذي فعله أصحابك به حين أقالوه وهو على عتبة المكتب البيضاوي. الذين أطلقوا القهقهات آنذاك لم يكونوا يدرون أي تفاعلات تتشكل وتعصف بالمنطقة».
رجل الأعمال يرى أن الرئيس ميشال عون، ومعه من معه، «أداروا العملية بحنكة استثنائية وبحكمة استثنائية. يطريقة ما أنقذوا سعد الحريري الذي لو لم يعد عن استقالته لسقط سياسياً، وشعبيا، الى الأبد».
ايمانويل ماكرون وعبد الفتاح السيسي تقاطعا في أكثر من نقطة حول «حتمية العودة» عن الاستقالة. البلاط السعودي أثبت مدى قصوره في ادراك خفايا اللعبة الدولية، ومسار اللعبة الدولية…
أهل البلاط لا حظوا الحشود التي هتفت للرئيس الحريري. مثلما خسر في سوريا، وخسر في اليمن، وخسر في قطر. قيل له… اياك أن تخسر في لبنان!