لم ينقص المشهد المتأزم بين حزب الله والكتائب والمتوقف على اشارة او موقف سياسي لينفجر مجددا بينهما الا زيارة المبعوث الاميركي لوزير الخارجية مستطلعا قيادات 14 آذار وصولاً الى الصيفي لتكتمل صورة التأزم المكبوت بين الفريقين المتناقضين في الرؤيا والاستراتيجية السياسية، فنائب وزير الخارجية الاميركي ديفيد هيل زار مستطلعا الساحة السياسية لاستنهاض حالة 14 آذار المتناثرة ولم الشمل تحت عنوان تحذير الافرقاء والحلفاء السابقين من تنامي قدرات الحزب السياسية واعتباره انه بات يسيطر على مجلسي النواب والوزراء، موصيا بابتعاد لبنان عن محور طهران ومعبرا عن مخاوفه من اندماج حزب الله في الحياة السياسية، ولم يكن تفصيلا عاديا تخصيص حزب الكتائب في اطار جولاته على السياسيين فيما التقى وزراء القوات في عشاء سياسي لتكون الجلسة مع القيادة الكتائبية في اطار اكثر من تقليدي او عادي، حيث ترى اوساط سياسية من فريق 8 آذار ان تجربة الكتائب ومواقفها في المرحلة السياسية اكدت انه يتقدم المعارضة للسلطة السياسية كونه ليس ممثلا بها، فحزب الكتائب الذي يشارك في الحكومة هو الاكثر قدرة على قول ما يريد وفتح اي جبهة سياسية فيما يلتزم نواب ووزراء من فريق 14 آذار اجواء التهدئة كونهم مشاركون في السلطة التنفيذية التي تجعلهم ينتظمون في المعارضة ولا يبادرون الى تعلية السقوف السياسية لترك الحكومة تعمل.
فجلسة الثقة كانت تحت مراقبة الاجهزة والمتابعين ومن يتولون نقل الاشارات الداخلية الى السفارات الغربية، وبدون شك فان كلمة النائب سامي الجميل في مجلس النواب والتي بدأها بالهجوم على حزب الله كانت لها مفاعيلها واصداءها الخارجية، فالكلمة التي استتبعها اشتباك سياسي في مجلس النواب بين نواب الكتائب والنائب نواف الموسوي كادت تتسبب باندلاع وتطور المعركة وخروجه من الاطار الكلامي الى التصعيد غير المعروف مداه لولا لم تسفر الاتصالات عن ضبضبة الوضع في مجلس النواب واعقبه مبادرة حزب الله باجراء تنظيمي يتعلق بعضوية نائبه ومنعه عن المشاركة بالعمل السياسي لمدة عام.
وفق اوساط الطرفين هناك ستاتيكو تهدئة بين حزب الله والكتائب من جلسة الثقة مع بقاء كل فريق على ثوابته لكن التهدئة يخرقها بين الحين والآخر تبادل اتهامات، فهناك انتقادات لمسؤولين كتائبيين حول سلاح حزب الله ومحاولته ادارة العملية السياسية في البلاد بعد ربح 8 آذار الاكثرية في مجلس النواب وحيازة حزب الله وحلفائه 17 وزيرا في الحكومة، ويتوسع هجوم الكتائب ليشمل رفض التطبيع مع النظام السوري تحت عنوان اعادة النازحين حيث تعتبر الكتائب ان النظام لا يرغب بعودة النازحين والا لما ساهم في تهجيرهم.
في ارشيف الطرفين حصلت محاولات تقريب وجهات النظر ليكتشف الفريقان ان اسباب الافتراق تعود لاسباب عقائدية واستراتيجية ولم توفق اي وساطة او محاولة لاعادة ربط العلاقة بينهما او فتح صفحة متمايزة حيث ان كل فريق يقف في محور سياسي مناقض للفريق الآخر.
لم يكن صعبا على حزب الله ان يكتشف ان التفاهم عملية معقدة وشبه مستحيلة مع قيادة الصيفي نظرا للافتراق الايديولوجي والعقائدي بين مدرستين سياسيتين مختلفتين في كل شيىء وازدواجية الخطاب الكتائبي حيث ان الكتائب ارادت الشيىء ونقيضه معا وقد فتحت ابواب تواصل في مرحلة سياسية تعود الى مرحلة التفاهم المسيحي بين التيار الوطني الحر والقوات عندما وجدت الكتائب نفسها ملزمة لفك طوق العزلة المسيحية والانفتاح على مكونات اخرى لتعود الامور الى نقطة الصفر بينهما.
في الذهنية الكتائبية ان حزب الله نقل مقاومة البندقية الى المقاومة السياسية وانه يريد اخضاع الافرقاء لشروطه السياسية كونه شريكا في التسوية السياسية لوصول عون الى بعبدا وسعد الحريري الى السراي.
بالمقابل يعتبر قريبون من حزب الله ان هناك ملفاً من التراكمات ومن الكلام السلبي في ارشيف الحزب لقيادات كتائبية ضد حزب الله واكبر من الاشتباك الذي حصل قبل فترة في البرلمان وان لا شيىء قادر على جمع نقيضين معا.