جاء ارجاء جلسة الحوار من دون التوصل الى ما يفهم منه ان المتحاورين قد توصلوا الى حل بالنسبة الى الامور المطروحة، وكأن امورنا العامة لا تزال تراوح بين المتاهة السياسية وبين ما لا يصح القول عنه انه ايجابية مرجوة خصوصا ان المداولات ظلت في سياق لا نتيجة تذكر منه اضف الى ذلك ان المتحاورين لم يفهموا على بعضهم ما عليهم معالجته اقله كي لا يستمروا في دوامة لعبة البحث عن حل (…) اي حل، لاسيما الحل الرئاسي المرجو منذ اكثر من سنتين وثلاثة اشهر والحبل على الجرار.
الذين تحدثوا قبل جلسة الحوار ظلوا في نطاق التمنيات فيما حافظ هؤلاء بعد الجلسة على ما لا يفهم منه انهم قد حققوا شيئا يذكر، باستثناء المناكفة التي تعني عدم وجود استعداد للتفاهم السياسي الغارق في سجالات اين منها البحث عن جنس الملائكة، مع علم من لم يعلم بعد ان امورنا العامة عالقة عند نوع من الاعتماد على التجاهل السياسي المتبادل، طالما ان كل فريق حافظ على التغريد من ضمن سرية ليس الا (…)
يفهم من كل ما تقدم ان الوضع العام لا يزال على شيء من اللاتفاهم بعدما تبين ان الذين مطلوب منهم تقديم حلول في حدها الادنى لم يوفروا نقاط التعقيد، لانهم لم يقدما شيئا جديدا، بما في ذلك عدم تحديد موعد جديد لجلسة الحوار، ربما لانهم يعرفون مسبقا انهم غير قادرين على تقديم مطلق مشروع تفاهمي يظهرهم على حقيقتهم، من ضمن اللعبة السياسية المجمدة بقرارات ضمنية ليس فيها من يوحي بوجود نية ايجابية، خصوصا عندما يقال ان من الافضل البقاء في دوامة الاخذ والرد كي لا ينفضح او الكبار ويظهرهم على حقيقتهم بالنسبة الى عدم الرغبة في تقوى اي حل منطقي (…)
والذين مع هذا الرأي يعرفون تماما ان مناسبة الحوار تبقي افضل من مناسبة السجالات التي لا يفهم منها انها قد تعطي نتيجة ايجابية، بدليل عدم وجود رغبة في تحديد ماهية جدول الاعمال الرئاسي مثله مثل جدول الاعمال السياسي، لانهم يدورون في حلقة مفرغة من الصعب، بل من المستحيل ان يحققوا اي تقدم يذكر على هامشها، حيث لا بد من ان يبقى السجال من دون معنى لانه لم يضع اليد على جرح الرئاسة الاولى، بما في ذلك جرح سياسة الحكم التي لم تعد مفهومة لان الجميع يتجنبها كي لا يتورطوا في حلول ترضي البعض او تغضب البعض الاخر في وقت واحد؟!
من هنا قيل كلام خارج على المألوف السياسي، لان جلسة اليوم لم تقدم حلا او مشروع حل في المستوى الذي يظهر وجود تقارب بين المعنيين، الى حد القول ان الحوار كان مجرد كلام لم يفهم منه ان السياسيين على شيء من التقارب بالنسبة الى الافكار المطروحة، لجهة ما يقرب بينهم، او لجهة ما يسمح لهم بالخوض في مجمل نقاط البحث عما هو مرجو كي لا تبقى الامور على ما هي عليه من دلالات سلبية لا تقرب حلا او معالجة في المدى المنظور من غير حاجة اي انتظار بلورة فكرة سياسية يمكن ان تسمح بالانتقال من الكلام الى الفعل؟!
واذا كان من مجال لتخطي مرحلة التباينات، فثمة من يجزم بأن المرحلة لم تعد تسمح بتضييع المزيد من الوقت، اقله كي لا يستمر البلد في دوامة الضياع، مع ما يعنيه ذلك من رفض متبادل لحصول اي تقارب في وجهات النظر، فضلا عما يقال عن سياسة البحث عن التعقيد اكثر من البحث عن الحلول المرجوة، مع العلم ايضا انه في حال استمر الوضع على ما هو عليه، فان الوضع سيستمر الى مزيد من التأزم ربما لان قصد البعض تجنب الانتقال الى مرحلة الحلول؟!
وترى مصادر مطلعة انه في حال تأخر الحل الرئاسة كان الحل النيابي (قانون الانتخابات) سيتأخر بدوره لعدة اعتبارات من شأنها خلق المزيد من الاختناق السياسي الذي يدفع البلد الى مزيد من الضياع، ربما لان الضياع المشار اليه يدخل في صلب من يبحث عما يبقي البلد في مستنقع من الصعب الخروج منه، بدليل تخطي مرحلة اختراع الحلول لما ليس فيه من فائدة الا لاولئك الذين يهمهم استمرار الفشل في كل شيء، على امل الوصول الى اعادة تنظيم الحياة السياسية من خلال مؤتمر تأسيسي يزيد في مستوى المشاكل المهيمنة على البلد؟!
يبقى القول ان لا مجال امام المتحاورين لان يحققوا شيئا ايجابيا طالما بقي كل طرف على موقفه وعلى تشبثه بما ليس فيه يعزز عوامل الانتقال من الجمود السائد الى حركة فيها بركة وايجابية، من غير حاجة ان استمرار التجاهل بين من عليهم ان يعرفوا ان الحل يجب ان يكون في وقت قريب جدا كي لا تتكرس السلبية السياسية بشكل اوسع واشمل؟!