IMLebanon

سلبية «النووي» تدفع برئيس من خارج المحاور

الضياع والمفاخرة بنسبهما المتفاوتة اللذين ارخيا بثقلهما على القوى السياسية اللبنانية بعد توقيع الاتفاق النووي بين مجموعة الدول الست وبين الجمهورية الاسلامية الايرانية، لن يكونا الى حدّ ما باباً سريعاً لاخراج البلاد من الفراغ الرئاسي، لا بل ان الرهان من جانب محور الممانعة بأن توقيع الاتفاق من شأنه ان يميل كفة التوازن لصالحه، لا يمكن ادراجه في خانة الحسابات الدقيقة، لكون هذه القراءة التي استندت الى التمدد الدراماتيكي لحلفاء ايران على ارض الاقليم، حدت منه «عاصفة الحزم» السعودية التي لا تزال مفاعيلها قائمة حتى بعيد توقيع الاتفاق النووي، على ضوء ما تدل المواقف واللقاءات السعودية في الاتجاهات الدولية والاقليمية واللبنانية.

وفي معطيات لاوساط مواكبة للحراك الرئاسي، ان ما بعد توقيع الاتفاق النووي لا يعني ابداً ارتفاع اسهم النائب العماد ميشال عون للدخول الى قصر بعبدا رئىساً للجمهورية، في ظل التصلب الخليجي بعدم التنازل امام ايران، على ما دلت مؤشرات واضحة بأن السعودية عبرت عن عدم ارتياحها للتواصل بين واشنطن وبين طهران على حساب استقرار المنطقة، من خلال مقاطعة ملكها سلمان بن عبد العزيز اللقاء بالرئيس الاميركي باراك اوباما في اجتماع كمب ديفيد منتصف ايار الماضي بعد ان بدا واضحاً التراجع الذي مارسه اوباما امام ضغوطات ايران القائمة على تعميم عدم الاستقرار في المنطقة ودفاعها عن نظام الرئيس بشار الاسد.

ولا يعني الموقف الخليجي بأن هذا المحور سيتمكن من ايصال مرشح رئاسي مدعوم منه تضيف الاوساط، وحصراً الدكتور سمير جعجع، وان اظهر لقاؤه مع العاهل السعودي من موقعه كمسؤول مسيحي فاعل حليف لمليار وثلاثة ملايين مسلم من الطائفة السنية الذين يدينون بالولاء للملك السعودي، وليس لأن هذا اللقاء في الوقت ذاته هدفه الاستثمار في المحطة الرئاسية، اذ في الواقع كانا جعجع يمتلك ورقة «الفيتو» على عبور شريكه في الزعامة المسيحية ميشال عون الى قصر بعبدا وحجبها عنه لاعتبارات سياسية، بل ان جعجع وحليفه رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري كان رددا مراراً عن رغبتهما في التوصل الى رئيس توافقي لرئاسة الجمهورية لعدم امكانية انتخاب اي من زعيمي المسيحيين ولذلك فان اي مسعى دولي لاستثمار الاتفاق النووي دفعا لاخراج لبنان من فراغه الرئاسي، سيدفع حكما نحو رئيس توافقي للجمهورية بما يمكنه من ادارة البلاد وازمتها، والا خلاف ذلك، ستنسحب تجربة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي «المربكة» والمقاطعة عربياً ودولياً و«سنياً» على رئيس الجمهورية في حال تمكن محور ما من فرضه على الآخر بقوة توازنات… لم تعد متوافرة لاي منهما.

لكن ماذا لو اصطدمت المساعي الدولية بقرار استمرار عون على المنصة الرئاسية رافضاً تسهيل هذه العملية التوافقية.

لا يستبعد مواكبون لمسار هذا الاستحقاق ان يكون للعماد عون في لحظة اصرار من حليفه «حزب الله» لتسهيل عملية الانتخاب، ان يعمد لتسمية مرشح رئاسي مدعوم منه، على قاعدة المبادلة بين انسحابه والتسمية، الا ان ما قد يُواجه زعيم التيار الوطني الحر عندها يتابع المواكبون، هو ان كلاً من «حزب الله» وحركة «امل» وتيار المردة، يصبحون في حل معه من اي التزام، لكونهم يدعمون ترشيحه فقط وليس مرشحه الى الرئاسة، وبذلك تنفتح الخيارات على عدة اسماء من عداد اللائحة الذهبية، ام لائحة بكركي او من خارجهما.

لكن عون الذي قد يُفاجئ بموقف حلفائه في حال تنحيه عن الترشح الى رئاسة الجمهورية، خسر ايضاً، يتابع المواكبون، حق التسمية التي خصه بها تيار المستقبل، الذي كان حسب قيادييه يقر بحق عون في تذكيته او تسميته المرشح الرئاسي المقبل. لكن بعد الموقف الواضح للمفتي عبد اللطيف دريان ابان خطبة عيد الفطر، في موازاة اتهامات تيار المستقبل بـ «الداعشية» وغيرها من العبارات التي اعادت الواقع بين تياري الوطني الحر وبين المستقبل الى ما قبل لقاء الحريري – عون في باريس، بات عون فاقداً لهذه الورقة… اذا ما دقت الساعة الدولية على وقع الدفع الاقليمي لحلفاء الداخل…

وعليه يرسم المواكبون صورة واضحة ناجمة، عن ردات فعل من جانب التيار الوطني من خلال تحركات تسقط صورة التحرك المتواضع شعبياً مؤخراً، وتؤكد على موقع عون القوي سياسياً، شعبيا، منعاً لتجاوزه لا سيما ان وصفه مجلس النواب بغير الدستوري والشرعي يهدف على ما ينقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، تقويض دور هذا المجلس من جانب عون تحسباً لانتخاب رئيس للجمهورية دون موافقته، قاصداً بذلك نزع صفة الشرعية والدستورية عن الرئيس التوافقي المقبل.

وان كان رئيس الحكومة تمام سلام لم يفخخ جدول اعمال جلسة الحكومة يوم غد، وادرج بند مناقشة الآلية كأولوية، لكن التفاهم عليها الا يسقط الصدام الذي ستعكسه التعيينات الامنية، لكون التمديد لقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي حاصلاً حتماً لاستحالة تعيين اي بديل عنه ولوجود تقاطع دولي – اقليمي – محلي بالحفاظ على المؤسسة العسكرية ودورها من خلال بقاء قائدها وعدم رميها في الفراغ… وكذلك ستبقى الحكومة وسيعترض العماد عون… ويتحضر للمعركة الرئاسية المقبلة على وقع حسابات الحلفاء والاخصام…