IMLebanon

أظافر وأنياب ومفاوضات

 

يسير “حزب الله” الى مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل فوق جمر الحسابات الداخلية، لأنّ الحسابات الخارجية ليست في يده، بل مفروضة عليه، فهو لم ينقلب طوعاً على ما يشكّل ذريعة وجوده ومبرّر سلاحه.

 

والرضوخ للخارج يعكسه التلويح الأميركي والفرنسي بالإعلان عمّا تكشّف لديهما عن تفجير المرفأ، ناهيك عن تفجير عين قانا الذي استعصى على أي جهازٍ أمني لبناني. وكذلك خرائط مخازن الأسلحة في الجناح، ويبدو أنّ الحبل على الجرّار.

 

في المقابل، لا بدّ من اللعب المُبرمج في الداخل الذي يؤرقه. لذا، شهدنا إجهاضاً لمشروع حكومة مصطفى أديب بحجّة إمتيازات الشيعة في التشكيلة، وكأنّ الحصول على حقيبة المال وحقّ تسمية الطائفة لوزرائها هما جائزة ترضية، لتنتشي البيئة الحاضنة بتكريس النفوذ، مقابل قضية المقاومة التي أصبحت بحكم الميتة، بعدما بات شبه مؤكّد أنّ لا ردود عسكرية على الإعتداءات المتتالية، ولا توازن رعب أو ضربات نوعية… ولا بطولات إلا في الخطابات…

 

بالتالي، لم يتبقّ لـ”الحزب” إلّا فذلكات تتعلّق بالمصطلحات والمشهديات لتصحيح مسار الخطاب الموجّه الى بيئته.

 

وهذه الفذلكات تستوجب جهداً كبيراً يتولّاه المأجورون إياهم. يتبارون في اللعب على إيقاع الصورة والعبارة، إبتداءً من التسمية لتصبح إعلان نوايا أو تفاهماً، وليس إطاراً، وليس إنتهاءً بالتشديد على أنّ المفاوضات غير مباشرة، بالرغم من الإقتران المكاني والتسامع والتخاطب. ولولا الـ”كورونا” لكنّا شهدنا مصافحات وربّما أكثر… ومع هذا، هي ليست مباشرة.

 

وفي إستعراض العضلات هذا، تكمن شياطين التفاصيل التي تتيح للمِحور أن يحفظ خطّ الرجعة، إذا استطاع الى ذلك سبيلاً، وينقلب على وعوده التي أعطاها أصلاً تحت التهديد بالعقوبات من جهة، وبكشف المستور من جهة أخرى، ربّما لا يملك إلا شراء الوقت بإنتظار نتائج الإنتخابات الأميركية وما سوف يستتبعها من معطيات مستجدّة. ولا عجب إن حرص “الحزب” بكلّ فاعلياته، على الصمت حيال المسألة برمّتها وتشكيلة الوفد المفاوض، تاركاً للمأجورين إياهم النطق بلسان حاله وإن بغير المباشر، مُتجاهلاً خوض لبنان الرسمي مفاوضاته المباشرة مع العدو الإسرائيلي الغاشم، وهو أضعف من أي وقت مضى.

 

ربّما المطلوب أن يفاوض لبنان الرسمي من دون أنياب ومن دون أظافر، وفي ظل إنعدام أي توازن بينه وبين مفاوضيه. فهو لا يملك إلا أن يستجدي فتات المساعدات الدولية، علّها تحول دون زوال مقوّماته.

 

فإذا تغيرت ظروف رأس المِحور، وبات قادراً على ضخّ جرعة معطيات في شرايين “الحزب” كفيلة بعرقلة سير المفاوضات الرسمية، يتغيّر المشهد.

 

أما اذا لم تتغيّر الظروف، فيبقى التشدّد سِمة تعامله مع الملفّات الداخلية في كل صغيرة وكبيرة، ففي هذه الساحة سيستخدم أظافره وأنيابه، وربما قمصانه السود ليفرض الحكومة التي يريد، ويُسيِّرها ومعها البلاد كما يريد، ويبقى إلتماس الرضى الأميركي فاتحاً لتسهيل تشكيل الوفد اللبناني بشخصيات أمنية وسياسية، وبحث كل الملفات البرّية والبحرية والملحقات السرّية المتعلقّة بالسلاح ومشتقّاته من تمويل وخلافه، مع الإحتفاظ بشرط حظر التصوير للجلسة الإفتتاحية التاريخية، حرصاً على البرستيج، وعلى مشاعر البيئة الحاضنة.