مفاوضات ثلاثية بين الولايات المتحدة الاميركية وإيران والاتحاد الأوروبي انتهت أمس في عمان بعد يومين من اللقاءات المكثفة، انتهت بمغادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مسقط، من دون عقد مؤتمر صحافي يُلخّص يوم المفاوضات الطويل وفق الأصول المتّبعة.
تستمر المفاوضات اليوم بمباحثات يُجريها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ومجموعة (5+1) على مستوى المديرين السياسيّين تمهيداً لاتفاق نووي قد يتمّ التوصل إليه في فيينا، في 24 الشهر الجاري.
تمحور النقاش خلال اليومين الماضيين على البندين الخلافيين: رفع الحظر الاقتصادي المفروض على إيران وتخصيب اليورانيوم. بالنسبة إلى النقطة الاولى، تناول النقاش الاقتراح الاميركي برفع الحظر جزئياً الذي يبدأ بالعقوبات المفروضة من الولايات المتحدة الأميركية والذي يضمن الإفراج عن الأموال المجمّدة لدى الحكومة الأميركية، على أن تُرفع هذه العقوبات بالتزامن مع توقيع الاتفاق النهائي المنتظر بعد اسبوعين في حال التوافق، فيما يُرفع الحظر المفروض من الأمم المتحدة بحسب قرارات مجلس الامن الدولي في فترة لاحقة، ويُترك قرار رفع الحظر الأوروبي للاتحاد الاوروبي.
لكنّ الجانب الايراني، تحفّظ وفق الأوساط الايرانية على الاقتراح الأميركي، واعتبره مخالفاً للاتفاق المرحلي الذي تمّ توقيعه في جنيف، العام الماضي.
أمّا بالنسبة إلى بند تخصيب اليورانيوم، فقد سقط الاقتراح الروسي القاضي بنقل أجزاء من التخصيب الى الاراضي الروسية برفض إيراني حاسم. وتوزّع النقاش في هذه النقطة، وتحديداً في شأن اجهزة الطرد المركزي، بين موقف أميركي يقترح احتفاظ ايران بخمسة آلاف جهاز طرد مركزي، وموقف إيراني يرفض النزول تحت سقف العشرة آلاف جهاز. وقد عُلم في هذا الإطار أنّ الطرفين الايراني والاميركي يحاولان التوصّل الى تسوية لم تظهر معالمها بعد.
لم تتمكّن المفاوضات بعد من حسم الفترة الزمنية التي يُمنع فيها على ايران تطوير برنامجها النووي خارج حدود الاتفاق النهائي، علماً أنّ الفترة الزمنية المقترحة من الاميركيين تصل الى عشرين عاماً، وهو اقتراح يرفضه الايرانيون. وتُبحث مسألة تحديد هذه الفترة بثماني سنوات تلتزم خلالها إيران الاتفاق الذي يتمّ التوصل اليه، على أن تتمكن من إعادة النظر في تطوير برنامجها النووي بعد مرور هذه المهلة.
وتوازياً مع التكتم الشديد الذي أحاط بتفاصيل المفاوضات، إذ مرّت بلا تسريبات تذكر من الاطراف كافة، ذهبت التصريحات القليلة الصادرة عن المشاركين في المفاوضات لتُبث جوّاً من التفاؤل، عبَّر عنه وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بالقول إنّ المواقف السياسية عرقلت المفاوضات حتى الآن، لكنّ «الفرصة المتاحة حالياً جيدة لرسم الإطار العام للاتفاق، وعلى الغرب الإدراك أنّ العقوبات جزء من المشكلة».
فيما أبدى وزير الخارجية العمانية يوسف بن عبد الله تفاؤلاً كبيراً بنجاح سَير المحادثات، لأنّ الأطراف «وصلت في مفاوضات الأمس الى نقطة متقدمة جداً من الصعب التراجع عنها».
وفي ضوء المفاوضات في مسقط، تحركت الديبلوماسية الايرانية على خط طهران – موسكو، ومن المقرّر أن يصِل اليوم رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي اكبر صالحي الى موسكو من أجل تنسيق المواقف، تمهيداً للجولة المقبلة من المفاوضات بين ايران والمجموعة الدولية في فيينا، ولتوقيع اتفاق بناء محطتين نوويتين جديدتين في «بوشهر».
هذه الخطوة تأتي بعد مفاوضات استمرت أشهراً عدة، وقّعت بعدها طهران وموسكو اللتين تُفرض عليهما عقوبات اقتصادية دولية، سلسلة اتفاقات تعاون اقتصادي تهدف إلى إقامة شراكة استراتيجية جديدة يشمل أحدها بناء موسكو 10 محطات نووية جديدة في ايران بقدرة 1000 ميغاواط.