Site icon IMLebanon

مفاوضات «المستقبل» – «القوات» في الأمتار الأخيرة

 

باتت القوى السياسية جميعاً مسكونة بهاجس الانتخابات النيابية وأشباحها مع اقتراب موعد 6 أيار المفصلي. حسابات الربح والخسارة تكاد تتّخذ «طابعاً تجارياً» صرفاً في كثير من الاحيان، بعدما أصبح عدد من المقاعد النيابية معروضاً للمساومة في المزاد السياسي العلني… والسري.

وقد انتقلت عدوى الحمى الانتخابية الى خارج الحدود ايضاً، مع اهتمام الدوائر الاقليمية والدولية بهذا الاستحقاق اللبناني الذي تتعامل معه بعض العواصم القريبة والبعيدة، في اعتباره جزءاً من ساحات المواجهة في المنطقة، وليس مجرد اختبار محلي.

وانطلاقاً من هذه المعادلة العابرة للجغرافيا السياسية، يمكن تفسير عودة المملكة العربية السعودية الى الساحة اللبنانية عبر «ثقوب» صناديق الاقتراع، وبالتالي حرصها على استخدام «صوتها التفضيلي» من أجل محاولة التأثير في نتائج الانتخابات المقبلة، والحؤول دون حصول «حزب الله» وحلفائه على الأكثرية النيابية في المجلس الجديد.

ولأنّ لبنان يشكّل «بيضة قبّان» في نزاعات الاقليم وتوازناته، لم تجد المملكة حرجاً في اللعب على المكشوف، والسعي في وضح النهار الى إعادة تجميع صفوف حلفائها المبعثرة، بغية تحسين شروط المعركة الانتخابية والسياسية ضد «حزب الله» ومن خلفه إيران.

من هنا، إهتمّ الموفد السعودي نزار العلولا، خلال زيارته الاخيرة لبيروت، بالدفع في اتجاه إنجاز أعمال الترميم لجدران العلاقة المتفسّخة بين تيار «المستقبل» و»القوات اللبنانية» نتيجة «النَش السياسي»، لمعرفة الرياض بأنّ عودتها الوازنة الى لبنان لا يمكن ان تتحقق إلّا عبر جناحَي معراب و»بيت الوسط» معاً.

ويؤكد العارفون بفحوى نقاشات العلولا مع الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، انّ الموفد الملكي قاربَ ملف الانتخابات النيابية من زاوية تأكيد اقتناع الرياض بضرورة تحسين العلاقة وتحصينها بين القوى التي تصنّفها بـ»السيادية»، ولا سيما منها «المستقبل» و»القوات»، إنما من دون الدخول في التفاصيل المتعلقة باللوائح والتحالفات وما شابَه.

ويشير المطلعون على كواليس مهمّة العلولا الى انّ السعودية تريد من الحريري وجعجع أن يستعيدا، ولو الحد الأدنى، من التفاهم والتنسيق، عشيّة الانتخابات، كونهما يشكلان بالنسبة اليها عصب التوازن المنشود مع «حزب الله»، لافتة الانتباه الى انه ليس وارداً في الوقت نفسه إحياء الصيغة القديمة لـ14 آذار، لأنّ الظروف والوقائع ليست مؤاتية لمثل هذا الامر، وبالتالي فهو غير مطروح على جدول الاعمال السعودي.

ويوضح هؤلاء انّ اي تفاهم انتخابي مفترض بين «المستقبل» و«القوات» لن يكون شبيهاً بالتحالف الشامل الذي يجمع بين «حزب الله» وحركة «أمل» في كل الدوائر المشتركة، بل انّ هذا التفاهم سيكون مَرناً وواقعياً، بحيث يسري في أماكن معينة ولا يشمل أخرى، تبعاً لخصوصية كل دائرة ومتطلباتها.

وفي المقابل، هناك من يعتبر انّ الوزير جبران باسيل والسيد نادر الحريري اقتربا من إنجاز اتفاق إنتخابي مترامي الاطراف، من شأنه تضييق هامش التقاطعات مع «القوات»، علماً انّ الحريري أبلغ الى الوزير ملحم الرياشي، خلال لقاءاتهما، انّ اي اتفاق نهائي مع «التيار الوطني الحر» لم يتمّ بعد.

وبينما تستمر مفاوضات بين «بيت الوسط» و»معراب» على إيقاع الاستحقاق الانتخابي، علمت «الجمهورية» انّ تلك المفاوضات الماراتونية باتت في امتارها الأخيرة، وتكاد تصل الى خواتيمها، بحيث يُتوقع ان تُنجَز في نهاية الاسبوع الحالي، أو في مطلع الاسبوع المقبل، مع الاشارة الى انّ الوزيرين ملحم الرياشي وغطاس خوري تواصلا أمس، في سياق «ديبلوماسية الظل».

وتؤكد مصادر مطّلعة على مسار النقاش انّ الطرفين تجاوزا تداعيات أزمة استقالة الحريري من السعودية، كاشفة عن انّ جعجع تمنّى على العلولا، خلال مأدبة العشاء التي أقامها على شرفه، ان يتم استقبال الحريري في الرياض بـ»حفاوة وحرارة».

ومن المتوقع ان يسبق «الفصل الأخير» اجتماع للحريري مع فريق عمله للبَتّ في الموقف من بعض النقاط، يُرجّح انعقاده السبت المقبل، تليه زيارة حاسمة للرياشي الى «بيت الوسط» الاحد او الاثنين، إذا لم يطرأ ما يدفع الى تعديل هذه الروزنامة.

وفي المعلومات، انه كان مقرراً إنهاء النقاش خلال الساعات الماضية، لكنّ مغادرة الحريري الى الرياض واستمرار البحث بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» و«القوات» في بعض التفاصيل الانتخابية، فرضا تأجيل الحسم بضعة أيام أخرى.