أن يكون لبعض المؤسسات المدنية الغربية موقف مناهض لعقوبة الإعدام بشكل عام٬ فهذا أمر معروف٬ وله نقاش مختلف٬ لكن أن تخرج صحيفة محترمة مثل «واشنطن بوست» بافتتاحية تصف المحرض على الإرهاب نمر النمر بالإصلاحي الداعي لانتخابات٬ فهذه مهزلة.
نمر هو فارس بن شويل الشيعي٬ كلاهما محرض ومبرر للإرهاب٬ وكانا يدعوان٬ ويبرران٬ لهدم الدولة٬ والولاء لكيانات خارجية٬ ومتهوران بالتحريض على العنف. فارس٬ السني٬ كان يدعو للولاء لأسامة بن لادن٬ ولذلك برر٬ وأفتى٬ بقتل رجال الأمن. ونمر٬ الشيعي٬ له فيديوهات كان يفترض بصحيفة محترمة مثل واشنطن بوست»٬ وغيرها٬ أن تشاهدها٬ حيث يقول فيها: «ولاؤنا ٬ وليس للوطن٬ ولمن جعله الله وليا وبس»٬ أي الولي الفقيه الذي طالب٬ وبفيديو٬ بفرض نظامه ليس في السعودية وحدها٬ بل في كل المنطقة. وكان٬ أي نمر٬ يؤوي القتلة٬ والمسلحين٬ ويحرضهم٬ فعن أي انتخابات يتحدثون؟ انتخابات إيران وزعيمي «الحركة الخضراء» تحت الإقامة الجبرية منذ 2009؟ أم ديمقراطية حزب الله المعطل لتنصيب رئيس لبناني٬ هذا عدا عن اغتيال الخصوم السياسيين؟ أم ديمقراطية العراق الطائفية؟
نمر وفارس وجهان لعملة واحدة٬ هذا شيعي٬ وذاك سني٬ كلاهما هدد واستهدف السلم الأهلي٬ وللنمر فيديوهات يقول فيها: «سنطالب بالانفصال»٬ وفارس كان يطالب بهدم الدولة٬ فما الفرق إذن؟ ونمر وفارس كلاهما كان من التكفيريين. فارس كفر الدولة٬ ورجال أمنها٬ ونمر يقول بفيديو: «أدعو السنة للتشيع»٬ بينما فارس و«القاعدة» كانوا يدعون الشيعة للتسنن٬ فما الفرق بينهما؟ وماذا عن مصير الدولة ككل؟ ولذا فمن السخرية أن يقال بأن إعدام النمر قد يسبب مزيدا من التوتر الطائفي بينما كل خطاباته كانت تحريضا طائفيا٬ وموثقة على «يوتيوب».
ومثلما كان فارس يدين بالولاء لـ«بن لادن»٬ فإن جل الأجهزة الأمنية الغربية تعرف جيدا من هو نمر٬ ومن أتباعه٬ وأنه زعيم ميليشيا مسلحة تخطط لاستهداف العوامية٬ وجر الأمن السعودي إلى اشتباكات هناك تستغل إعلاميا في الخارج. كما أن الأجهزة الغربية تعلم بأي جهة من الاستخبارات الإيرانية (اطلاعات) هو مرتبط٬ وتعلم درجة تهور نمر٬ وكيف كان غير موثوق به لدرجة أن من يدير نشاطه كعميل إيراني٬ أو ما يسمى بـ«The Source Runner» لم يكن يرغب في التواصل المباشر معه٬ ولذلك كان يستخدم عميلا مقيما بإيران٬ وتعرف الأجهزة الغربية أيًضا جنسيته! فكيف بعد كل ذلك يعتبر فارس إرهابيا٬ ونمر إصلاحيا يدعو للانتخابات؟ بالفعل مهزلة٬ فُهما وجهان لنفس عملة الإرهاب٬ وتمت محاكمتهما٬ وإن تدثرا بدثار الدين٬ وجرما كما جرمت بريطانيا أبو حمزة المصري٬ ورحل لأميركا وحبس هناك إلى جوار عمر عبد الرحمن المحكوم بالسجن المؤبد بتهمة التحريض على العنف! ولذا فإذا كان البعض بالغرب معنيا بالحقائق فعليه أن يقوم بالبحث والتقصي٬ وخصوصا الصحافة المحترمة٬ لأن هذا جزء من عملها.