Site icon IMLebanon

نتنياهو والهجمة الفاشلة على سياسة أوباما تجاه إيران

 

فشل بنيامين نتنياهو في تحقيق المعلن من هدفه تلبية دعوة الكونغرس من دون تنسيق مع البيت الأبيض. فقد أتى خطابه، رغم كل التصفيق الذي فاق ضعف ما واجهه في المرتين السابقتين، فارغاً من أي طرح سياسي يشكّل فعلياً ضغطاً على إدارة الرئيس باراك أوباما، يجبرها على تبديل خياراتها بشأن التفاوض مع إيران على ملفها النووي، خصوصاً ان التوقعات تشير الى احتمال التوصل الى اتفاق اطار في هذا المجال قبل انقضاء الشهر الجاري.

وكانت التوقعات التي سبقت الزيارة «الملتبسة» قد كثرت، بل وحتى تناقضت وفق لبناني مقرب من دوائر القرار في واشنطن، حيث يقيم منذ عقود، ومتابع بدقة لتاريخ وتفاصيل العلاقة الإسرائيلية-الأميركية. وقد تراوحت هذه التوقعات بين احتمال إحداث شرخ حقيقي في العلاقة التاريخية الإستراتيجية المتمثلة بإجماع أميركي على دعم إسرائيل وبين تلك التي توقعت أن يقتصر مردودها على تحسين صورة نتنياهو قبيل الانتخابات المقررة بعد أقل من أسبوعين.

فالحضور في استقبال نتنياهو يؤشر الى تفتت ما في التوحد الأميركي على دعم إسرائيل. وقد حوّلت الحماسة التي استقبل بها الجمهوريون نتنياهو الجلسة الى مجرد احتفالية، رغم حضور عشرات الديموقراطيين مع تغيب نائب الرئيس جو بايدن مثلاً واجتماع وزير الخارجية جون كيري في اليوم نفسه مرات متتالية بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف. أما أوباما فقد رأى باختصار أن الخطاب لم يقدّم «طرحاً بديلاً« عما هو قائم. وقد فشل هذا الخطاب، وفق المصدر، في تحقيق «صدمة إيجابية» من دون أن يعني ذلك مطلقاً الوصول الى حدّ من اللامبالاة الأميركية تجاه أمن إسرائيل واستقرارها. 

فنتنياهو لا يهتم فعلياً لإمكان إنجاز الاتفاق الإطار قبل نهاية الجاري لأن ذلك لا يعني حكماً النجاح في صياغة الاتفاق النهائي، على غرار ما لاقاه «اتفاق أوسلو« الذي لم يسجّل أي تقدم بعد عقود على التوصل الى الإطار. فالهاجس الفعلي للمسؤول الإسرائيلي في هذا المجال يتمحور حول فرض ضوابط تحول دون تمدّد النووي وأدواته الى تخوم إسرائيل، سواء في الجولان السوري أم في جنوب لبنان، وهو ما تجلّى بوضوح حين سارع طيرانه إلى قصف موكب يضم مسؤولاً إيرانياً رفيعاً وكادرات عليا من «حزب الله» في القنيطرة قبل فترة وجيزة.

أما عن انعكاسات ما شهدته واشنطن على الداخل الإسرائيلي فستدل عليها نتائج انتخابات الكنيست، خصوصاً أن نتنياهو المحاصر داخلياً قد وجد في الكونغرس فرصة لتلميع صورته على عتبة ولاية رابعة، لكن ذلك يبقى سيفاً ذا حدين. فمناهضوه يعتبرون مواقفه هي التي أبعدت بلادهم عن متابعة مناخ المفاوضات من دون أن يتمكن تدخلها من إحداث أي تغيير في النتائج، سواء لجهة نجاحها أو فشلها.

ويلفت المصدر إلى أن إيران استخدمت عناوين أمنية للوصول الى طاولة المفاوضات حتى تقايضها برفع العقوبات، وأن ما ساعدها هو تهافت أوباما على تحقيق إنجاز في هذا المجال بعد فشله في مجالات السياسة الخارجية خصوصاً في العراق وسوريا، إضافة الى تحديات غير مسبوقة داخلياً وخارجياً. في الأولى مثلاً الخسارة الموصوفة في مجلسي الشيوخ والنواب إضافة الى تدني الشعبية، وفي الثانية تفشي التطرف خصوصاً أن من أسبابه، إضافة الى تمدد النفوذ الإيراني وأدواته، التلكؤ في دعم ثورة الشعب السوري. ويتساءل المصدر عما إذا كان هذا الخيار نتيجة ضعف ما أو قرار أوباما عدم توريط جيشه خارج أرضه أو أنه خيار مقصود لاستنزاف كل قوى المنطقة على اختلاف تلاوينها؟

كما يتساءل المصدر عن انعكاسات اتفاق الإطار إذا أنجز على المنطقة. ففي لبنان هل سيساعد مثلاً على ملء الفراغ الرئاسي وعلى انسحاب «حزب الله» من سوريا، أم أنه سيساهم في نقل سوريا الى المرحلة الانتقالية وفي حلّ أزمات العراق واليمن والبحرين إضافة إلى ليبيا؟