اذا كانت نية نتنياهو بالاستثمار الانتخابي هي من دوافع القيام بعملية القنيطرة المتهورة، فان الامتناع الاسرائيلي عن التصعيد بعد عملية المقاومة في مزارع شبعا، من دوافعه الحسابات الانتخابية أيضاً. ويعرف القادة الاسرائيليون في الحكم والجيش والسياسة أن حسابات المواجهة مع المقاومة في لبنان تحتاج الى دراسة أكثر دقة وحذرا وتحسبا، من المواجهة مع المقاومة في غزة أو أية قوى أخرى. وضمناً، شعر القادة في الجيش الاسرائيلي، ونتنياهو شخصياً، بالامتنان لقيادة حزب الله بأن الرد على عملية القنيطرة جاء على صورة ما جرى في المزارع، ولم يكن أكبر وأكثر احراجاً لاسرائيل، مع ان الحزب كان قادراً عليه…
مهما بلغ نتنياهو من هستيريا الحسابات الخاطئة، وهوس التمسك بالسلطة والحكم، فإنه ليس في وسعه تجاهل تقديرات الخبراء العسكريين الاسرائيليين، من أن الحزب قادر، في أية حرب مقبلة، على إمطار اسرائيل بألف صاروخ متطور يومياً، وقادر على اصابة الهدف بدقة في أي مكان في اسرائيل. وذلك يعني أن كل المواقع ذات الأهمية الاستراتيجية وبالغة الأهمية، معرضة للقصف، بما فيها منشآت النفط والغاز والمطارات والموانئ والمراكز النووية وغيرها من المنشآت الحيوية في البلاد. ومهما بلغت قدرة اسرائيل على التدمير لدى الطرف الآخر، فإن ذلك لا يعوض حجم الخسائر الهائلة التي ستتكبدها اسرائيل. يضاف الى ذلك ان ما ستدمره اسرائيل لدى الطرف الآخر، لا يعني انها ستدمر عدوها اللدود، وهو المقاومة…
لا يعني ذلك أن اسرائيل ستأكل الضرب وتسكت. وهي سترد بالأسلوب الذي تجيده ويريحها، ويعتمد على الخفاء والغدر، أي عن طريق الاغتيالات التي يهندس عملياتها جهاز المخابرات، وهذا هو أسلوب الرد المباشر. أو عن طريق المنظمات التكفيرية الارهابية التي تقيم علاقات مباشرة مع اسرائيل. ويكون الرد الاسرائيلي في هذه الحالة بأسلوب غير مباشر، وعن طريق قيام الارهابيين بعمليات مدمرة وراء خطوط العدو، كما تسميها اسرائيل! والحسابات مفتوحة الى يوم الحساب!