إذا صحّت التوقعات لاحتمال توصل الدول الست العظمى الى وضع إطار للاتفاق الدائم مع إيران في شأن برنامجها النووي في نهاية شهر آذار على امل الانتهاء من الصيغة النهائية في نهاية شهر حزيران، فان معنى هذا هو الفشل الذريع للحملة التي شنها بنيامين نتنياهو منذ عام 2011 على البرنامج النووي الإيراني.
منذ انتخابه رئيساً للوزراء عام 2009، انتهج نتنياهو خطة مدروسة لمحاربة المشروع النووي الإيراني من خلال تحويله أهم خطر وجودي يهدد إسرائيل. وخلال السنوات الاخيرة شن حملة تهويل على دول العالم وذهب الى حد ابتزاز إدارة الرئيس أوباما والتهديد بعملية عسكرية إسرائيلية منفردة ضد المنشآت النووية الإيرانية اذا لم تتحرك الإدارة لكبح هذا البرنامج. وكاد خلال عام 2012 ان يأمر بشن عملية عسكرية على المنشآت النووية الإيرانية لو لم يصطدم بمعارضة إسرائيلية داخلية ورفض أميركي.
لكن نتنياهو اليوم يرى ان كل الجهود التي بذلها في السنوات الاخيرة بدأت تنهار. فالمفاوضات النووية مع إيران توشك ان تنجح، والعقوبات المفروضة عليها قد ترفع من غير ان تفكك إيران منشآتها النووية كما يطالب، والاهم من غير ان تتخلى إيران عن قدرتها على التحول دولة نووية في اي وقت تقرر ذلك.
نجاح مفاوضات جنيف له دلالة مزدوجة؛ فهو من جهة يشكل مقدمة لقبول دول العالم بإيران دولة على عتبة النووي؛ وهو بمثابة فشل ذريع لسياسة بنيامين نتنياهو. ولا شيء يمكن ان يغير هذه المحصلة، لا خطاب نتنياهو امام الكونغرس بعد ايام، ولا تحريضه على الرئيس أوباما، ولا تهويلاته امام دول العالم من خطر رفع العقوبات عن إيران من دون تفكيك منشآتها النووية.
ويتضح اليوم ان سياسة التهويل التي اتبعها نتنياهو ضد إيران بدأت ترتد عليه سلباً. فالدول الكبرى، على رغم ادراكها خطورة البرنامج النووي الإيراني، مقتنعة ايضاً بإمكان حل المشكلة بالوسائل الديبلوماسية من دون اللجوء الى القوة العسكرية، وهي لا تريد التورط في مواجهة جديدة مع دولة إسلامية في هذه المرحلة المضطربة التي تمر بها المنطقة. وهي عكس إسرائيل تعتقد ان في الامكان كبح البرنامج النووي الإيراني وتصدق التعهدات التي قدمها المسؤولون الإيرانيون لاحترام بنود الاتفاق الذي يتم التوصل اليه.
بعد فشل الحرب على البرنامج النووي الإيراني، يجد نتنياهو نفسه، في ما عدا دعم الجمهوريين، في مواجهة ليس فقط مع الرئيس أوباما ومع الديموقراطيين الاصدقاء الاوفياء لإسرائيل، بل مع الدول العظمى التي تعتقد بان التوصل الى اتفاق تاريخي مع طهران ممكن.