مسلية حقًّا متابعة العناوين والمقاربات الإعلامية لتيار الممانعة وهي تحاول تفسير التنسيق الروسي الإسرائيلي العسكري المستجد في سوريا، والذي يعد خطوة علنية مباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد..
باغت الكرملين الغرب وقرر الرئيس فلاديمير بوتين التدخل منفردًا على الأرجح في عملية إنقاذ رجله في دمشق (الرئيس الأسد) مستخدمًا نفس الوحدات التي خاضت عاما ونصف العام من الحرب القذرة في أوكرانيا. زار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موسكو بعد التطور هذا وعاد بتطمينات رسمية من بوتين بأن النظام السوري لن يفتح جبهة الجولان، بل إن محادثات الرجلين كادت تنص صراحة على تلاقي المصلحة في الحفاظ على نظام الأسد..
كيف تابع الإعلام الممانع الخطوة الروسية والمباركة الإسرائيلية لها..
محللو وصحافيو هذا التيار يجاهدون لتجاوز التوافق الروسي الإسرائيلي العلني والرغبة المشتركة بالإبقاء على نظام الأسد، فهناك محاولات مستميتة لتقديم تفسيرات مرتبكة ومضحكة، عنوانها أن بوتين أنجز خطوة مهمة لجهة ردع إسرائيل عن انتهاك الأجواء السورية، وما محاولات نتنياهو الإيحاء بأن تفاهما أساسيا قد تم بينه وبين بوتين سوى تخبط يائس لحفظ ماء الوجه الإسرائيلي أمام قائد تيار الممانعة الرفيق بوتين.
هكذا يريدنا إعلام الممانعة ومحللوه أن نقرأ الحدث الإسرائيلي السوري الروسي..
المطلوب منا إذن تجاهل حقيقة أن بوتين أقدم على التدخل عسكريا في سوريا وهو يعلم أن واشنطن لن تبدي الكثير من الامتعاض لرؤية روسيا تحمي مباشرة بشار الأسد المسؤول عن معظم المجازر في سوريا. وها هم كارهو أميركا يهللون لموسكو لكونها البلد الشجاع الوحيد الذي يتصدى للإمبريالية العظمى..
لكن حقًا، لماذا نتوقع من إسرائيل أن تعترض على الدور العسكري الروسي في سوريا طالما أن ذلك لا يتعارض مع مصالحها لا بل يؤمن لها استقرارًا هو امتداد لاستقرار منحها إياه الأسد الأب منذ خمسة وأربعين عامًا. فروسيا جاءت لإعادة إنتاج هذا الستاتيكو الذي لطالما تغنى به الإسرائيليون، وبالمناسبة هو نفسه الستاتيكو الذي فرضوه في عام 2006 على جبهة الجنوب اللبناني.
وللحقيقة، فإن تخبط الإعلام الممانع يثير الشفقة فعلا مع تلك المحاولات المستميتة لصوغ الرؤية الإسرائيلية السورية بصفتها دعمًا للرئيس الممانع. فبحسب هذه المقاربة علينا أن نعطل عقولنا وأن لا نلحظ الجهد الروسي الإسرائيلي للإبقاء على النظام السوري الذي يختصر كل إجرامه بأنه، لمواجهة إسرائيل..
إسرائيل باتت في محور الممانعة يا جماعة..
المعادلة اليوم هي أن موسكو تضبط التدخل الإيراني في سوريا وتطمئن تل أبيب أن الأسد لا ينوي فتح جبهة ثانية في الجولان. لعله كان من الأفضل على جهابذة الإعلام الممانع الزعم بأنهم لا يعرفون ما يحصل بدلا من التطبيل الفارغ الكوميدي لما يحصل. فما أقره لقاء بوتين نتنياهو يضع الممانعين في تناقضات لا يمكنهم القفز فوقها.
أليس بشار الأسد هو الرئيس الوحيد الذي ما زال واقفًا يجابه إسرائيل كما قالوا لنا؟
فهنيئا للممانعين تصدر بنيامين نتنياهو جبهتهم. لكن يبقى سؤال: تمانعون من؟! الأرجح أنكم تمانعون مجتمعاتكم، فتقبلون لها الفناء والموت في سبيل.. نتنياهو..!!