IMLebanon

محاكمة فساد نتنياهو: شرح مبسّط

  نيويورك تايمز

 

أدلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشهادته، أمس الثلاثاء، لأول مرّة منذ بدء محاكمته بتهم فساد عام 2020، ممّا صعّد التوتر في قضية مثيرة للجدل عطّلت الحياة السياسية في إسرائيل لسنوات.

من المتوقع أن تستمر شهادة نتنياهو، بشكل متقطّع، لأسابيع عدة، ما يُشكّل مشهداً غير مسبوق لرئيس وزراء حالي يدافع عن نفسه ضدّ اتهامات بالفساد، بينما تواصل إسرائيل حربها ضدّ «حماس» في غزة.

 

تُعدّ القضية محور انقسام سياسي عميق بين الإسرائيليّين حول شخصية نتنياهو، وأدّت إلى نصف عقد من عدم الاستقرار السياسي.
يدّعي أنصاره أنّ هناك «دولة عميقة ليبرالية» تحاول الإطاحة به بوسائل قضائية بعد فشلها في الإطاحة به عبر صناديق الاقتراع. في المقابل، دعا معارضوه إلى استقالته، مُتهمين إيّاه بإطالة أمَد الحرب والمحاكمة للبقاء في السلطة وتجنّب السجن.
لأسباب أمنية، أدلى نتنياهو بشهادته من ملجأ تحت الأرض في تل أبيب بدلاً من المحكمة في القدس، حيث تُعقد الجلسات عادةً.

ما هي التهم؟
يواجه نتنياهو تهماً بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة في 3 قضايا منفصلة لكنّها مترابطة. وتتركّز التهم على مزاعم بأنّه قدّم امتيازات تنظيمية ودعماً ديبلوماسياً لرجلَي أعمال بارزَين مقابل هدايا وتغطية إعلامية متعاطفة. وقد أنكر ارتكاب أي مخالفات. تشمل المحاكمة ثلاث قضايا معروفة بأرقام 1000 و2000 و4000 (وقد تمّ تبرئة نتنياهو في قضية رابعة، القضية 3000).

القضية 1000
تتهم لائحة الاتهام نتنياهو بقبول هدايا بقيمة تقارب 300,000 دولار، تشمل السيغار والشمبانيا، في الفترة من 2007 إلى 2016، من المنتِج الهوليوودي أرنون ميلشان والملياردير الأسترالي جيمس باكر.

 

وفقاً للمدّعين، ضغط نتنياهو على وزارة المالية لمضاعفة فترة الإعفاء الضريبي للإسرائيليّين المغتربين مثل ميلشان، عند عودتهم إلى البلاد، كما ضغط على الحكومة الأميركية لتجديد تأشيرة ميلشان الأميركية، وساعد في صفقة اندماج تتعلق بقناة تلفزيونية يملكها ميلشان جزئياً. ولا توجد اتهامات بأنّ باكر تلقّى شيئاً مقابل هداياه.
مثل نتنياهو، يَنكر ميلشان وباكر ارتكاب أي مخالفات، وهما ليسا مُتهمَين في القضية. كما ورد أنّ زوجة نتنياهو، سارة، تلقّت هدايا، لكنّها ليست متهمة في المحاكمة.

القضية 2000
يُتهم نتنياهو بمناقشة ترتيب «مقايضة» عام 2014 مع أرنون موزيس، ناشر صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إحدى الصحف الرائدة في إسرائيل.
في مقابل تغطية داعمة، يُتهم نتنياهو بمناقشة تشريع يَحدّ من قوة صحيفة «إسرائيل هيوم»، المنافسة، التي كانت مملوكة لشيلدون أديلسون، أحد داعمي نتنياهو حتى وفاته عام 2021. لكنّ نتنياهو لم يُتهم بتنفيذ هذا الوعد. وينفي موزيس، الذي يخضع إلى المحاكمة، ارتكاب أي مخالفة.
القضية 4000
في الفترة من 2012 إلى 2017، يُتهم قطب الاتصالات شاؤول إلوفيتش وزوجته إيريس بتقديم امتيازات لنتنياهو وعائلته مقابل عدم عرقلة نتنياهو مصالحهما التجارية. تحديداً، يُتهم إلوفيتش بالسماح لنتنياهو وعائلته بالتأثير مراراً على تغطية موقع «واللا» الإخباري المملوك له. في المقابل، كان يأمل إلوفيتش أن يضَمَن نتنياهو عدم عرقلة اندماج مُعقّد بين شركة «بيزك» للاتصالات التي كان يملكها وشركة «يس» للبَثّ الفضائي. ويخضع إلوفيتش، وزوجته أيضاً، إلى المحاكمة ويَنفِيان ارتكاب أي مخالفات.

 

متى بدأت القضايا؟
بدأ المحققون التحقيق في أنشطة نتنياهو عام 2016. وفي شباط 2018، أوصت الشرطة رسمياً بمحاكمته. وفي تشرين الثاني 2019، وُجِّهت إليه التُهم، وبدأت المحاكمة في أيار 2020. ودفع نتنياهو ببراءته في شباط 2021، وألقى خطاباً نارياً هاجم فيه القضية. منذ ذلك الحين، استمعت المحكمة إلى أكثر من 300 شاهد. وتأجّلت الجلسات مرّات عدة، بداية بسبب قيود كورونا، ثم أواخر 2023 بسبب الحرب في غزة. طلب نتنياهو تأجيل شهادته عدة أشهر، مشيراً إلى أنّ إدارته للحملة العسكرية أعاقت استعداده. لكنّ المحكمة وافقت على تأجيل ظهوره لبضعة أيام فقط.

ماذا قد يحدث لاحقاً؟
حتى بعد انتهاء نتنياهو من الإدلاء بشهادته في 2025، قد يستغرق الوصول إلى حكم سنوات. وإذا أُدين، قد يُحكم عليه بالسجن لسنوات عدة.
وحاول محاموه التفاوض على صفقة، ومن الممكن أن يحاولوا ذلك مجدّداً مستقبلاً.
ويعتقد بعض الإسرائيليّين أنّه قد يحصل على عفو من الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الذي يشغل منصباً شرفياً إلى حَدٍّ كبير. ويخشى النقاد أن يحاول حلفاء نتنياهو في الحكومة تمرير قوانين جديدة تحميه من العقوبة. لكنّ نتنياهو نفى وجود أي نية من هذا القبيل.

كيف أثّرت القضية على إسرائيل؟
تسبّبت القضية في سنوات من الاضطراب السياسي. ودفعت بعض حلفاء نتنياهو ومؤيّديه إلى التخلّي عنه، ممّا قسم البلاد إلى معسكرَين متساويَين تقريباً بين داعميه ومعارضيه. أدّى هذا الانقسام إلى صعوبة تشكيل أغلبية مستقرة في البرلمان، ممّا أدّى إلى إجراء 5 دورات انتخابية خلال أقل من 4 سنوات.

 

بعد خسارته السلطة في 2021، شكّل نتنياهو تحالفاً مع أحزاب اليمين المتطرّف، التي كانت سابقاً على هامش السياسة الإسرائيلية. وفاز هذا التحالف بأغلبية هشة في 2022، ممّا جلب متشدّدين إلى قلب الحكومة.
عند عودته إلى السلطة، ركّز حزب نتنياهو بشكل أساسي على إصلاح القضاء، وهو إجراء مثير للجدل أدّى إلى احتجاجات في الشوارع استمرّت لأشهر. وتوقفت هذه الاحتجاجات فقط عندما شنّت «حماس» هجمات على إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023.