تجهد الديبلوماسية الدولية منذ أشهر في محاولة لإنعاش عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. يبحث الديبلوماسيون الأوروبيون خصوصاً عن وسيلة لإعطاء زخم لمفاوضات يمكن أن تبدأ في إطار جديد من الرعاية. يسعون الى فتح باب أمل جديد لحل الدولتين عبر قرار جديد من مجلس الأمن. غير أن أي تحرك في هذا الإتجاه يحتاج الى مباركة أميركية.
أقل ما يقال في مبدأ حل الدولتين إنه دخل في غيبوبة عميقة إن لم يكن في موت سريري لا رجعة فيه. عملت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من أجل القضاء على أي تسوية كهذه. روّج بعض أكثر المدافعين عن اسرائيل لتطبيق مبدأ “المدينة الدولة” فلسطينياً. بذلك تحكم كل مدينة أو بلدة ذاتياً في مقابل الحصول على الخدمات من الجانب الإسرائيلي. أي اعتراض فلسطيني يصنف إرهاباً يستوجب أشد العقاب اسرائيلياً، وربما دولياً. أدت هذه السياسات الى استقرار نسبي ومرحلي. اعتقد بنيامين نتنياهو أن واقع الحال ملائم ومريح لإسرائيل. لا ضرورة بعد الآن لحل الدولتين ولـ”تنازلات” تعطي محمود عباس دولة على حدود ما قبل حرب حزيران ١٩٦٧.
الديبلوماسيون في الأمم المتحدة يسألون من زمان: ما هو البديل من حلّ الدولتين؟ يعرفون أن اسرائيل لا تقبل بحلّ الدولة الواحدة لأسباب عدة. يجهز أولاً على طموح الإسرائيليين بـ”يهودية” الدولة، ويقضي ثانياً على “ديموقراطية” نظامها السياسي. يحوّلها نظاماً للفصل العنصري ضد العرب مسلمين ومسيحيين. أدت الإستفزازات الإسرائيلية المتواصلة الى انفجار الغضب الفلسطيني مجدداً في الأراضي المحتلة. تنهب المستوطنات كل ما يمكن من الأرض بكل ما يمكن من الأساليب، تهجيراً وتدميراً وترهيباً وقهراً وعقاباً ومصادرة. لا تقلل هذه العوامل شأن الإهمال والخوف والإحباط والإقتناع بما تيسر في الطرف الآخر.
ثمة وجه آخر للنزاع. تظهر أشكال ومستويات جديدة من أعمال العنف. يمارس المتطرفون الإسرائيليون إرهاباً يتمثل أحياناً في إضرام النيران في أناس أحياء وفي الخطف والقتل ميدانياً من دون أي اعتبار للقانون. في المقابل، صار الطعن بالسكاكين والأدوات الحادة والدهس بالسيارات من مظاهر هذه “الهبّة” الفلسطينية.
وضعت نيوزيلندا مشروع قرار “هزيلاً” نسبياً أمام مجلس الأمن. غير أنه قد يكون – في حال إصداره – مفتاحاً لقرارات أخرى أحدها فرنسي يحدد جوهرياً ليس فقط مرجعيات عملية السلام، بل يضع أيضاً اطاراً زمنياً لإنهاء الإحتلال على أساس حدود ما قبل حرب حزيران ١٩٦٧.
هذه الوقائع وهذه المبادرات فرضت نفسها على لقاء باراك أوباما وبنيامين نتنياهو في البيت الأبيض. لا كيمياء بينهما. غير أن اسرائيل تحتاج اليوم مثلما كان الأمر من زمان الى الدرع التي توفرها الولايات المتحدة. لن يوقف الأميركيون هذا الدعم الإستراتيجي والإستثنائي.
غير أن نتنياهو في مأزق. يحتاج الى هذه الفرصة مع أوباما.