IMLebanon

مرض نتنياهو… لا يفهمه إلاّ يحيى السنوار

 

 

كان اختيار الشعب الفلسطيني للبطل القائد يحيى السنوار اختياراً موفقاً جداً… والسؤال هو: لماذا؟

 

بكل بساطة، منذ 75 سنة والشعب الفلسطيني يفاوض ويطالب بإقامة دولة فلسطينية، وإسرائيل ترفض… ولو عدنا الى عام 1993، أي الى «اتفاقية أوسلو»، فإننا نرى أن الفلسطينيين بقيادة الزعيم الكبير ياسر عرفات (أبو عمار) وبالرغم من وجود معارضة له، قام بعقد «اتفاق أوسلو»… فكان كل ما حصل عليه هو حكم ذاتي بشروط لا يمكن أن يقبلها أي شعب… وبالرغم من ذلك، فإنّ «أبو عمار» تابع نظرية الزعيم جمال عبدالناصر «خذ وطالب»…

 

وبالرغم من كل التنازلات التي قدّمها الرئيس والزعيم الفلسطيني أبو عمار، ظلّ اليهود يرفضون قيام دولة حقيقية تتمتع بكامل سيادتها حرّة ومستقلة.

 

من هنا، جاء اختيار البطل يحيى السنوار لأنّ الدولة العبرية لا تفهم إلاّ بلغة واحدة ألا وهي لغة «القتل والتدمير وإفناء الشعب الفلسطيني»، أي أن هناك إجماعاً عند الزعماء اليهود على أنّ من يكون أكثر تطرفاً هو الزعيم المطلوب.

 

أجمعت قراءات محللين إسرائيليين على أنّ تعيين يحيى السنوار، رئيساً للمكتب السياسي لحركة حماس، خلفاً للشهيد إسماعيل هنية، يُعَدّ ضربة موجعة لإسرائيل ولنتنياهو بالذات، ويضع الكيان العبري أمام تحدّيات جديدة قبالة مشروع التحرّر الوطني الفلسطيني الذي سعى الى إسقاطه خلال الحرب على قطاع غزة.

 

وقالت هذه التحليلات إنّ تعيين السنوار، يعكس استراتيجية «حماس» باستمرار الصراع مع إسرائيل وعدم الاستسلام، هذه الاستراتيجية تحمل مواقف أكثر تشدّداً وتمسّكاً بالمبادئ والثوابت الفلسطينية الرافضة للمساومة أو تقديم تنازلات.

 

كما تجمع التحليلات أيضاً على أن «تمرّد» نتنياهو على كل مشاريع اتفاقات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وعنترياته، جعلته يَعُدّ للألف بعد اختيار السنوار رئيساً لـ «حماس»… لأنّ اختيار السنوار خلط الأوراق في الشرق الأوسط، وقلب المعادلة فوق رأس نتنياهو، فالسنوار هو الوحيد الذي يفهم «لغة» نتنياهو، ويعرف كيف يكسر «نمرودته» ويحطّم كبرياءه، وكأنه (أي نتنياهو) هو الحاكم بأمره، فلم يعد يستمع الى نصائح الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة الأميركية بقيادة جو بايدن، وصار يرفض حتى توجيهاته، رغم ما قدّمه بايدن لنتنياهو، وصل الى حدّ اللامعقول… فقد فتح مخازن أسلحته الذكية وغير الذكية على مصراعيها ولم يبخل عليه بالمال والدعم المعنوي، حتى أن بايدن وإدارته وعد نتنياهو قبيل مفاوضات وقف إطلاق النار اليوم بالدفاع عن إسرائيل، بأساطيله وغواصاته وطائراته وصواريخه.. وكأنّ إسرائيل هي جزء لا يتجزّأ وولاية أميركية خالصة…

 

إنّ اختيار السنوار في أعلى رأس الهرم في أقوى فصيل للمقاومة الفلسطينية يحمل العديد من الرسائل والدلالات:

 

أولاً: «حماس» عرفت كيف تختار زعيماً عنيداً ذكياً لا يقدّم أي تنازلات.

 

ثانياً: باختيار السنوار، أرادت «حماس» إفهام من لا يفهم أنّ «الحركة» لن تساوم على نزع سلاح المقاومة.

 

ثالثاً: إنّ اختيار السنوار هو نوع من «الذكاء»… فبعد اختياره بعد وقت قصير جداً من اغتيال اسماعيل هنية يدل على القدرة على العمل، وعلى قدرة «حماس» على مجابهة مشاريع نتنياهو… لأنها صارت تفهم ألاعيبه، وكشفت أكاذيبه وعرفت مكائده… والقائد السنوار بارع جداً في تعطيل كل هذه الألاعيب والأكاذيب والمكائد بعزيمة لا تلين.

 

رابعاً: إنّ السنوار قادر على ترسيخ موقعه لما يتمتع به من صفات النزاهة والإيمان والقوة والثبات وسداد الرأي. وسيكون قادراً بالتالي على مقارعة نتنياهو والتفوّق عليه بإظهار حقيقته أمام العالم كله.

 

خامساً: إنّ سياسات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارته للحرب فاشلة… كما فشل تماماً في تحقيق الأهداف التي وعد شعبه بها… فهو فشل في سحق «حماس»، كما فشل في إعادة المختطفين.. ويمكن القول هنا: إنّ فشل نتنياهو ساهم في تعزيز وتقوية يحيى السنوار.

 

سادساً: يرى المحللون أن قرار اختيار السنوار رئيساً للمكتب السياسي هو تعبير عن الثقة التامة به، وبقيادته للعمليات في قطاع غزة… لذا، فإنّ السنوار هو المرشح الأول لمواجهة نتنياهو المتكبّر الدموي الفاشي المجرم، وأنّ السنوار قادر في النهاية على أن يفرض شروط الصفقة التي سيتم الاتفاق عليها في المستقبل لوقف النار وتبادل الأسرى وانسحاب القوات الاسرائيلية المعتدية من قطاع غزة وصولاً الى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، عاصمتها القدس الشريف.

 

سابعاً: في مقابلة مع القائد يحيى السنوار قال: «أعطي فرصة لنتنياهو لمدة شهرين، أي لنهاية السنة الأولى لعملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر 2023، وبعدها أقول له: إنّه لن يستطيع أن يحقق أي انتصار في غزة مهما طال الزمن…». ولتأكيد كلامه البارحة أطلق أبطال «طوفان الأقصى» صاروخين من غزة أصابا بهما تل أبيب، وهذا يكفي لكي نقول إنّ ما يقوله السنوار يفعله، وما يقوله نتنياهو كذب وافتراء إلاّ في مسألة واحدة انه يستقوي على الشعب الفلسطيني الأعزل المسكين الذي يسكن في مخيمات لا تحتوي على الحد الأدنى من الحياة الطبيعية.

 

وأخيراً… فإنّ في اختيار السنوار رسالة الى الشعب الفلسطيني والعالم مضمونها انه يجب عليهم القتال حتى الموت وعدم تقديم تنازلات.