اذا كانت المساعي الخارجية على خطوطها الكثيرة المفتوحة على صعيد وقف حرب اقليمية واسعة لن تترك اخضر او يابسا، فان الاتصالات الجارية لاحداث خرق لبناني، اقله رئاسي، في ظل تعثر التسوية الحدودية، نتيجة المواقف الاسرائيلية واستمرار الحرب في غزة، بينت ان الامور ما زالت في مربعها الاول، حيث باتت القناعة السائدة لدى اصحاب القرار، ان اي تقدم لن يسجل ما لم تتغير قواعد اللعبة والتوازنات الحاكمة راهنا.
مصادر مواكبة اشارت الى ان لا معطيات ايجابية تشير الى امكان احداث خماسية باريس اي خرق على صعيد الملف الرئاسي، فمحاولات البناء على لقاء الرياض، الفرنسي – السعودي، لم تكن في مكانها، لعدة اسباب، ما حول اللقاء الى “اجتماع تشاوري”، وهو ما سينطبق في طبيعة الحال، على لقاء السفراء في بيروت، والذي تردد انه تم تأجيله الى الثلاثاء، بمناسبة عطلة عيد المولد النبوي الشريف، نظرا لعدم تبدل الظروف والاوضاع في لبنان والمنطقة والتي حالت سابقا دون نجاح المساعي المبذولة لملء الشغور وانتخاب رئيس للجمهورية .
وتتابع بان ما حصل في الرياض عبارة عن نقاش التفاصيل التي جُمعت من مجموعة المبادرات السابقة التي انهارت او تلك التي ما تزال قيد التداول من دون التوصل الى حسم المواقف النهائية من بعض الخطوات المقترحة ولا سيما تلك التي تقود الى دعوة مجلس النواب الى جلسة لانتخاب الرئيس، وشروطها وآلياتها، بعدما اختلطت النصائح الدولية التي طرحت في الكواليس الديبلوماسية والسياسية بالمواقف الداخلية المعلنة.
وفي هذا الاطار غمزت المصادر من القنوات الاميركية، كاشفة ان واشنطن تبنت موقف المعارضة لجهة رفضها صيغة طاولة حوار قبل الانتخاب، عارضة معادلة “تشاور قبل الجلسات وحوار بعد الانتخابات”، بما تشكله من حل وسط بين وجهات النظر المطروحة، الا ان الثنائي الشيعي لم يبد تجاوبا.
وتابعت المصادر بان مفاوضات الهدنة في غزة العالقة في “بوز القنينة”، انعكست على باقي الملفات، رغم الحديث عن فصل فيما بينها، ذلك ان الكلمة ما زالت حتى الساعة للحديد والنار والميدان، في ظل سعي الاطراف جميعا لتحقيق ضمانات محلية وأقليمية تعزز اوراقها التفاوضية، ما يعني ان لا جديد على المستويين المحلي والاقليمي قبل انتهاء الحرب واتضاح الموازين السياسية والعسكرية في المنطقة .
من جهتها تقول اوساط مطلعة، ان المسائل اليوم لم تعد مقتصرة على ملء الشغور الرئاسي فحسب، مع ظهور خلافات اساسية حول العديد من القضايا الجوهرية تحتاج الى البحث والتوافق بشأنها، وهو ما تعبر عنه الاطراف المسيحية الاساسية، سواء التيار الوطني الحر، او القوات اللبنانية، اخيرا، عبر حديث رئيسها عن حوار لتعديلات تسمح بسد الثغر الدستورية والاصلاحات السياسية المطلوبة، والاهم تحديد اي لبنان يريده اللبنانيون.
من هنا يبدو واضحا ان حديث رئيس مجلس النواب بأن لا انتخاب لرئيس في المدى المنظور أقرب الى منطق ما هو متوقع على هذا المستوى، وما يزيد في الطين بلة التعبير عن مخاوفه من ان تتزامن هذه الازمة الرئاسية والدستورية مع الورشة النيابية التي يسعى الى فتحها حول تعديلات مقترحة على قانون الانتخاب، وفقا لصيغة تغير التركيبة الحالية، توصلا الى خلطة نيابية لا تناسب القوى المسيحية، وفقا لما بدأ يتردد في الصالونات.