IMLebanon

مشروع أميركي جديد لتجفيف منابع تمويل «حزب الله»

اليوم في 29 حزيران 2015، يُفترض ان تجري انتخابات جمعية المصارف اللبنانية لاختيار رئيس ومجلس ادارة جديدين لولاية تمتد لسنتين. وتواجه القيادة الجديدة سلسلة من الاستحقاقات الصعبة، لعل أشدها دقة وخطورة تلك المتعلقة بالنأي بالمصارف عن الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة الاميركية لتجريد حزب الله من قدراته التمويلية.

لا تزال أصداء القرار الأميركي في فرض عقوبات على ثلاثة لبنانيين اتهمتهم بتبييض الاموال لمصلحة حزب الله تتردّد وتتفاعل في الغرف المغلقة، حيث تجري مناقشة التداعيات المتوقعة.

وفي النقاشات ان الاتهامات طاولت رئيس مجلس ادارة بنك لبناني متوسط الحجم، وقد اضطر الرجل الى الاستقالة الفورية من موقعه وتسليم القيادة في المصرف الى شخص آخر. هذا الاجراء السريع الذي تم على الأرجح بهندسة من مصرف لبنان، ساهم في تخفيف المخاطر التي كانت متوقعة على المصرف.

لكن العملية الانقاذية أفرزت بعض الحقائق المُقلقة بالنسبة الى القطاع المصرفي، منها:

اولا – ان القطاع المصرفي اللبناني، ورغم الاشادات الاميركية المتكررة في حُسن الاداء، لا يزال موضع رقابة لصيقة من قبل الاميركيين.

ثانيا – ان المساهمين في المصارف لا يزال بعضهم في دائرة الشكوك، وبالتالي فان اتهام اي مسؤول في مصرف، قد ينعكس سلبا على المصرف، حتى لو ان الاتهامات طاولت الشخص وليس المصرف كمؤسسة.

ثالثا – ان الاتهامات التي تطاول اشخاصا لبنانيين تنعكس سلبا على مجموعة من المصارف التي يصدف ان هؤلاء يتعاملون معها ولديهم فيها حسابات. وبالتالي، على المصارف توخي المزيد من الحذر في تصنيف الزبائن الذين تتعامل معهم.

رابعا – ان الاجراءات الاميركية تتجه نحو التصعيد في ملاحقة ملف تمويل حزب الله، وعلى عكس الانطباع الذي ساد استنادا الى التقارب الاميركي-الايراني في الملف النووي، فان الاميركيين يتجهون الى تكثيف الحملات التي تستهدف التبييض لمصلحة الحزب.

وفي هذا السياق، يمكن ايراد المعلومات التي تفيد بوجود مشروع قانون جديد سوف يتم تقديمه الى الكونغرس الأميركي، يستهدف تشديد الاجراءات ضد حزب الله، وهو يعاكس التوجه العام الذي يوحي بالتقارب مع ايران والخط الذي تمثله في المنطقة.

تقدم بمشروع القانون السناتوران ماركو روبيو (جمهوري) وجين شاهين (ديمقراطي)، بما يوحي بأن هناك احتمالا قويا ان يحظى المشروع بدعم الحزبين الاميركيين، وان يتم إقراره. وفي هذا الاطار، يقول السناتور روبيو، ان حزب الله مسؤول عن مقتل عدد كبير من الأميركيين، وعن تهديد مصالحنا ومصالح حلفائنا حول العالم. هذا الواقع يفرض على الولايات المتحدة الاميركية ان تقوم بكل ما يلزم لضمان قطع التمويل عن هذا الحزب.» ويقول شاهين: ان القانون الجديد المقترح سوف يسمح للولايات المتحدة باستخدام كل الوسائل المتاحة لديها لوقف مصادر تمويل الحزب.

وسوف يتيح القانون الجديد في حال اقراره لواشنطن استخدام مجموعة واسعة من وسائل الضغط لدفع كل المصارف في خارج البلاد الى وقف كل اشكال التعاون المباشرة وغير المباشرة مع حزب الله. كما يتيح القانون ملاحقة كل محطات الساتلايت التي تتعاون مع تلفزيون المنار، للضغط عليها ووقف بث التلفزيون في العالم. ويعطي القانون الرئيس الأميركي مدة 90 يوما لكي يصدر تقريرا يُصنّف فيه كل الدول التي يتمتع فيها حزب الله بأي نوع من انواع التسهيلات المالية، وممارسة الضغط على حكومات هذه الدول لانهاء هذه الامتيازات.

كذلك يعطي القانون الرئيس مدة 120 يوما للخروج بتوصيف جديد لحزب الله ومعرفة اذا ما كانت تنطبق عليه مواصفات المنظمة الاجرامية العابرة للحدود لجهة تجارة المخدرات وتبييض الاموال الوسخة، وترويج البضائع المزورة.

هذه الاجواء اذا ما دلّت على شيء انما تدل على دقة المرحلة التي ستواجهها المؤسسات المالية اللبنانية في الفترة المقبلة، وستكون مسؤولية المصارف مضاعفة في حماية البلد من تداعيات الهجمة الأميركية المتصاعدة على حزب الله.

ومن هنا، ترتدي انتخابات جمعية المصارف اليوم أهمية اضافية، وسيكون رئيس الجمعية الجديد، على موعد مع ملف معقد للتعاطي بحكمة وحزم مع المستجدات، لكي يُبقي المصارف، وهي العامود الفقري للاقتصاد الوطني، في منأى عن اية تداعيات خطيرة في المستقبل.