IMLebanon

ماذا عن العقارات” التي بيعت عنوة في سوريا لـ “النظام” وأزلامه؟

 

بين الفرح والخوف… هذه محاذير عودة السوريين

 

 

أنا سوري حرّ

كثير من السوريين، الذين هرعوا إلى لبنان إبان ظلم الطاغية يريدون العودة الآن لكن، ماذا عن ممتلكاتهم التي بيعت عنوة، بالإكراه والتهديد والضرب والإجبار إلى من كانوا يمسكون بالأرض ورقاب العباد من النظام البائد وأزلامه من السوريين واللبنانيين؟ كثيرون يريدون العودة لكن، ماذا عن التجنيد الإجباري هناك؟ يحتاج هؤلاء إلى طمأنة. فهل من يفعل؟

 

 

لم يكن يتخيّل أحد حجم الإجرام الذي مارسه نظام الأسد في معتقلات الموت، لقد تفوّق على كلّ مجرمي التاريخ. ولا يمكن تصوّر الظلم الذي عاشه السوريون خلال نصف قرن، واللبنانيون خلال ثلاثين عاماً قبل خروج جيشه من لبنان. سقط “الوحش”، وسقطت أنيابه الداعشيّة ومخالبه الإيرانيّة، وبات لوحة مرعبة من ماضٍ مخيف. قتل، تعذيب، هجرات قسريّة شتّت ملايين السوريين في أصقاع الأرض. فهل باتت عودتهم آمنة اليوم؟

 

 

في انتظار اتضاح المشهد

 

نزح وائل ممدوح المحمد إلى لبنان في 27 آذار 2013، حين كانت الحرب بين الثوار والجيش الأسدي في أوجها، ولم يزر سوريا حتى اليوم. هو ابن إدلب التي أثقلتها البراميل المتفجرة، والدمار. أنهى خدمته العسكرية الإجبارية، وفرَّ من الموت ميمّماً ناحية لبنان.

 

 

 

يخبرنا أنه عانى، كغيره من السوريين في الغربة، لكنه في النهاية استقرّ في صالون للحلاقة في إحدى قرى جبل لبنان. تزوّج وأنجب ولدين، الأكبر بات بعمر 11 سنة والأصغر بعمر الثمانية.

 

 

لا يرغب بالعودة إلى سوريا، على الأقل في هذه الفترة. لم يعد منزله في إدلب صالحاً للسكن، فقد تضرر جرّاء غارة على مدرسة قريبة منه، ليعود ويُسرق بالكامل. ليس فقط الأثاث، بل جميع تجهيزاته، حتى أسلاك الكهرباء المخفيّة في الجدران. يقول، المسؤولية ليست على الثوار، أو على الفصائل المسلّحة، إنما على أشخاص محدّدين انضووا تحت لواء الثورة لأغراض جرميّة.

 

 

 

ثم كان الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط 2023 بقوة 7.7 درجات، فدمّر ما أغفله نظام الأسد، كما أدى إلى اختفاء الينابيع من الآبار في إدلب، وبدأت مرحلة تصحّر مقلقة. يخبره أصدقاؤه الذين ما زالوا في “جدرايا”، وهي بلدته الإدلبية، أن الزيتون المعمّر، والتين، وغيرها بدأ باليباس، وعمّ الجفاف كافة القرى.

 

 

يتابع بأسى مجبول بفرحة سقوط النظام، “لم يعد هناك مقومات للعيش في بلدتي”. منزلٌ غير صالح للسكن. قطعة أرض زراعيّة فيها 90 شجرة زيتون، منها ما قُطع، ومنها ما احترق جرّاء القصف، فباتت جرداء. وبئر ماء جافة. لم يعد له شيء يشجعه على العودة، على الأقلّ في الوقت الحاضر.

 

 

إلى كلّ ذلك، يواجه الخوف من خدمة الاحتياط في الجيش، التي سترافقه حتى بلوغه الخمسين، ما لم يصدر قرار رسميّ يلغي هذه الخدمة.

 

 

إذاً، وائل المحمد من الذين ينتظرون وضوح المشهد السياسي والأمني على الساحة السورية ليبني المقتضيات على المعطيات.

 

 

 

عمار الأطرش

 

 

إلى سوريا، مهما كانت الظروف

 

خوف وائل على أسرته من نقص مقومات العيش التي يطمح إليها، لم يصل إلى قلب عمّار اسماعيل الأطرش، ابن مدينة حلب، الذي نزح إلى لبنان مع ذويه في السابع من نيسان سنة 2013، وكانت بعض أحياء المدينة تشكل في هذه الفترة خطوط تماس بين النظام والثوار. وكان حينها في الثانية عشرة من عمره، فلم يكن القرار بيده. هو الثالث في أسرة مكوّنة من ثلاثة أولاد وابنتين، ترك دراسته مجبراً وانصرف إلى مساعدة والده في العمل.

 

 

 

يخبره أحد أقربائه أن منزلهم تضرّر جرّاء قصف على المدينة. ثم يسرّ له آخر بصوت خفيض، عبر الهاتف، بأن قريباً لهم باع منزله قسراً في “الفوعة” لأحد الغرباء الذين دخلوا سوريا مع الميليشيات الإيرانية، وراحوا ينفذون خططاً لتغيير الديموغرافيا. يقول أنهم هدّدوه بالاستيلاء على المنزل عنوة إن لم يرض ببيعه، فاضطرَّ مجبراً مثل الكثيرين، للانصياع إلى أوامرهم. يقول إن هذه الأحداث تكرّرت في عدة مناطق، منها “الفوعة” و”كفريا” وغيرها. ولطالما سمع من والده، أنهم لن يعودوا طالما الميليشيات التابعة لإيران مسيطرة على قرار البلاد، “إنهم يخيفوننا أكثر من القوات التابعة لبشار الأسد”.

 

 

الآن، يقارب عمار الرابعة والعشرين من عمره. يتوق للعودة إلى حلب، حتى ولو كان قانون الخدمة العسكريّة ما زال سارياً. سيعود للإقامة لدى أعمامه، لحين الانتهاء من ترميم المنزل. سيعمل في أي مهنة تدرّ عليه ما يمكّنه من العيش.

 

 

يخبره أقاربه في حلب، أن الكهرباء لم تعد تُقطع إلا نادراً، ومياه الشرب باتت متوفرة، والأمن استتب مع دخول عناصر هيئة تحرير الشام إلى المدينة. بغضّ النظر عما توفر من مقومات للعيش في المدينة وما لم يتوفّر، يقول: “كل ذلك تفصيل لن أتوقف عنده، فسوريا تحررت وهذا هو الأهم”.

 

 

 

سوريا الجديدة ستُنصف أبناءَها

 

يقول المحامي السوري أسعد الأطرش المقرّب من هيئة تحرير الشام، والمقيم في دمشق، لنداء الوطن، أن الأمور بدأت تتغيّر في سوريا، والعدالة ستأخذ مجراها وسينال كلّ ذي حقّ حقه.

 

 

 

فمن الناحية القانونية، وفي ما يتعلّق بالعقارات التي بيعت عنوة، يقول: “إذا ثَبُت الإكراه في بيع الملكية تعود الأملاك لأصحابها، بشرط وجود إكراه مادي أو معنوي. الإكراه المادي كالتهديد بالسلاح أو الضرب أو الإجبار على توقيع عقود البيع. أما الإكراه المعنوي، فهو مثل دفع أضعاف السعر الحقيقي وغيرها من الأساليب كالتهديد بدون عنف جسدي”.

 

 

أما من وُلِد خارج البلاد خلال فترة النزوح ولم يتمكن من الحصول على شهادة ميلاد، فلدى عودة ذويه إلى سوريا “يتقدم وليّ أمره بدعوى تثبيت نسب لجهة الأب حسب الحالات والوثائق الموجودة لدى الأشخاص. أو يتم تنظيم بيانات موقتة لهذه الحالات إذا كانت موجودة بكثرة”.

 

 

ولدى سؤاله عن مصير المحكومين بجرائم، ممن تحرروا مع المعتقلين، وقد يشكلون في المستقبل هاجساً أمنياً للراغبين بالعودة إلى سوريا، صرّح لنداء الوطن، “أن لكل جرم تصنيفاً محدداً، وللجرائم المتعلقة بالحقوق الشخصية، إجراءات خاصة، حيث يستطيع كل ذي علاقة متابعة شكواه بحق المجرم، ليصار إلى القبض عليه من جديد عن طريق الأمن العام والجهات المختصة بمرتكبي الجرائم ومن ثم محاكمته محاكمة عادلة بعيداً عن المحسوبيات والوساطات والرشاوى التي كانت تطغى على النظام القضائي السابق”.

 

 

أما عن مصير الخدمة العسكريّة الإلزاميّة، فيقول إنه لا يملك أي معلومات بشأنها في الوقت الحاضر. “لكن هناك أنباء متداولة بأنها ستصبح لمدة 6 أشهر فقط وبعض الأنباء قالت إن الخدمة الإلزامية ستلغى ويتم إنشاء جيش نوعي تطوعي مميز”.

 

 

ليختم بالقول: “قد تحتاج سوريا الجديدة والحرة لفترة لا بأس بها لإعادة هيكلة الأنظمة والقوانين بسبب الفوضى التي حصلت مؤخراً، لكنها ستعود أفضل مما كانت إبان حكم آل الأسد”.