IMLebanon

الاستعمار الجديد  

 

يبدو أنّ هناك مَن يترحّم على أيام الاستعمار القديم بعدما نلنا استقلالنا في هذه المنطقة العربية من العالم ربما قبل أن نكون مهيّئين له، والدليل ما آلت إليه الأوضاع من تشرذم وتفتت وأنظمة آحادية وأوضاع اقتصادية أدّت لأن يكون معظم الشعوب تحت خط الفقر… وأيضاً من أنهار من الدماء لا تتوقف عن السيلان!

 

كانت المنطقة مقسّمة الى ولايات ولكنها كانت مرتبطة بمرجعية واحدة هي السلطنة العثمانية التي سقطت في الحرب العالمية الأولى لتقوم على أنقاضها دويلات نجمت عن اتفاق «سايكس – بيكو» الشهير، فإذا لبنان وسوريا تحت الإنتداب الفرنسي، وإذا العراق وفلسطين وشرق الأردن تحت الإنتداب الانكليزي، وكذلك مصر وبلدان الخليج، أمّا بلدان شمال أفريقيا العربية فكانت تحت الإنتداب الفرنسي، وأمّا ليبيا فتحت الرعاية الايطالية.

اليوم نحن أمام استعمار جديد، لقد كان يفرحنا أننا نلنا استقلالنا دولة وراء دولة، ولكن في الواقع هذا لم يكن استقلالاً حقيقياً… خصوصاً بعدما خلقوا لنا إسرائيل على أرض فلسطين وعلى حساب شعبها، وقد سلمها الانكليز يداً بيد الى الصهاينة الذين أقاموا دولتهم المغتصبة ولا تزال ماثلة بالقوة!

في ما قبل كان يمكن الذهاب براً من لبنان الى مصر عبر فلسطين وغزة.

وكان هناك خط الحجاز للقطار الذي توقف، ولنتصوّر أنه قبل أكثر من قرن كانت هناك خطوط السكك الحديد… مع العلم أنّ هذه الخطوط لا تزال ممتدة في الأراضي اللبنانية حتى اليوم، وإدارة السكة الحديد لا تزال قائمة بمديرها العام وموظفيها وبمرتباتهم وتعويضاتهم أيضاً؟!.

وجاء الإستعمار الجديد الذي يتمظهر في أنّ لواشنطن قواعد عسكرية في البحرين وقطر والعراق وسوريا (…).

وفرنسا لديها قاعدة في أبوظبي.

وروسيا لديها قاعدتان في سوريا جوية (حميميم) وبحرية (طرطوس).

وفي العراق إستعمار جديد جداً… هو الإستعمار الإيراني، والغريب – العجيب أنّ الولايات المتحدة الأميركية تعتبر أنّ إيران دولة إرهابية ومع ذلك سلمتها العراق!

واليوم تركيا موجودة في جزء من سوريا بذريعة حماية أمنها…

و»كردستان» دولة كردية حال دون اكتمال قيامها اتفاق بين تركيا وإيران، ومع أنّ الأمر يتناول العراق ويعنيه مباشرة إلاّ أنّ دوره كان مغيّباً في هذا الاتفاق، كما هو مغيّب الدور السوري… وتحفة التحف زيارة أردوغان أخيراً الى السودان الذي أعطى تركيا جزيرة قائمة بذاتها.

لم يكن النفط وارداً ولا الغاز قبل الاستقلالات…

ويشكر العثمانيون لأنهم لم يكونوا يوافقون على قيام دولة إسرائيل، وإن كان السبب من منطلق ديني.

أمّا فرنسا فأفادتنا من حيث الثقافة والتعليم على أيدي الإرساليات…

والإنكليز أخذنا منهم بعض النظام…

وفي زمن الاستقلال، ومع الاستعمارات الجديدة فقدنا كل شيء!

عوني الكعكي