Site icon IMLebanon

«الأعراف والتقاليد الجديدة»

 

بالرغم من مرور بضعة أيام على كلام رئيس الجمهورية من بكركي خلال حضوره قداس الميلاد المجيد الذي ترأسه البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لا تزال أصداؤه تتردّد في الوسط السياسي مثل الدوائر المتناسلة إثر إلقاء حصاة في مياه راكدة.

 

ولسبب ما اعتبر حزب اللّه نفسه معنياً بهذا الكلام الذي كان مختصراً مفيداً على قاعدة «ما قلّ ودلّ». فقد قال الرئيس ميشال عون إن هناك «من يسعى الى فرض أعراف وتقاليد جديدة». وأضاف إن هذه المسألة سيكون لها حل في القريب.

 

وفي العلم الدستوري فالأعراف هي غير النص المكتوب، أحياناً تتوافق معه كلياً أو جزئياً، وأحيانا تتعارض وإياه كلياً أو جزئياً. ولـمّـا كان كلام الرئيس عون مرتبطاً بأزمة تشكيل الحكومة، فمن المؤكد أن يتحدّث عن السعي، (من قبل طرف أو أطراف لم يسمّها)، الى الخروج على النص الدستوري، ورسم مسار لتأليف الحكومات في لبنان هو غير ما يرد في النص الدستوري.

 

لا نقول جديداً إذا ذكّرنا بما نص عليه الدستور اللبناني في صيغته الحالية المعدّلة (بموجب إتفاق الطائف) باعتبار أن الصيغة السابقة من الدستور كانت تعطي رئيس الجمهورية (ما قبل الطائف) صلاحية تأليف الحكومة منفرداً، فيسمي الوزراء ويعيّـن منهم رئيساً لهم. أما النص الدستوري المعدّل (الذي يتمسك به الرئيس ويعارض «الأعراف والتقاليد» الجديدة بشأنه) فهو أوكل مسألة تأليف الحكومة الى الرئيسين الأول والثالث حصرياً، لا شريك لهما. ولنقرأ النصّ:

 

ورد في المادة 53 (المعدلة)، وفي بندها الرابع تحديداً حول صلاحية رئيس الجمهورية في تأليف الحكومة الآتي: «يصدر بالإتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم».

 

أما المادة 64 من الدستور فقد ورد في البند الثاني منها حول صلاحية الرئيس المكلف في تأليف الحكومة الآتي: «يجري الإستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها».

 

وفي إختصار فإنّ أي طرف ثالث ليست له صلاحية في المشاركة بتشكيل الحكومة، كون هذه الصلاحية موكلة حصرياً (كما أسلفنا أعلاه) الى رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.

 

وبالتالي، إذا أردنا تطبيق الدستور فليس من حق أي فريق أو جهة أو حزب أو كتلة أو تكتل أو إئتلاف، أو… أن يفرض على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أي إسم، أو أي حقيبة أو ما سوى ذلك.

 

طبعاً هذا لا يعني ألاّ يستأنس الرئيسان بما يرغب به إليهما النواب (كتلاً وإئتلافات وأفراداً) من حيث المطالبة بتمثيل معين في التشكيلة الحكومية، إن من حيث مبدأ التمثيل والشخص (أو الأشخاص) بالإسم، والحقيبة أو الحقائب. ولكن للرئيسين أن يتجاوبا أو ألا يتجاوبا. وهذا حقهما الدستوري الصراح والمباشر الذي لا خلاف عليه.

 

… وللمعترضين أن يمارسوا اعتراضهم بحجب الثقة عن الحكومة إذا أرادوا، ولكن ليس بعرقلة التشكيل.