IMLebanon

دوحة جديدة… ولكن!

لن يكون مفاجئا، في الأيام المقبلة، تواتر أنباء عن “لقاء سري” لقيادات من “تيار المستقبل” و”التيار الوطني الحر”، ولن يكون النفي مفاجئا.

هو الإيقاع السياسي نفسه الذي رافق نبأ استقالة رئيس الحكومة المفبركة، ثم النفي. والأمران، اللقاء والإستقالة، وردا كـ”توجيه” سياسي من الأمين العام اتخذ فيه دور “المرشد” و”شيخ الصلح” معا: حذر من خطورة الإستقالة، ونصح بحوار عوني – مستقبلي، محمّلاً المسؤولية في الحالتين لـ”تيار المستقبل”. والهدف إظهار الإمساك بالوضع السياسي.

يجب استعادة السيناريو الذي أوصل الجميع إلى اتفاق الدوحة: كانت الدولة تتعايش مع الدويلة في ظلال سلاح حرب تموز 2006، وحين أرادت دورها تجاه اخضاع مطار رفيق الحريري الدولي لتجسس حزب الأمين العام وتجاه شبكة اتصالاته، كان 7 أيار، ثم اتفاق الدوحة، إلى ان أطاح حكومة الرئيس سعد الحريري.

يعرف الحزب اليوم أن الإستقرار الهش يستمر بضمان القوى الدولية والإقليمية، وان تهديد رئيس الحكومة بالإستقالة قد ينتهي إما بتقديمها، ثم التراجع عنها، وإما بطيّها، نتيجة ضغوط خارجية، في الوجهين. لكن الأمين العام يود تأكيد النصر “النووي الإيراني” وارتداده ايجاباً، على دوره بضبط الوضع الحكومي، وفرض القبول بعون رئيسا.

لكن خطوة الإستقالة ستحرك الضغوط الدولية والإقليمية، وتظهر ان إيران لم تُمنح نفوذا في المنطقة، ولا سيما في لبنان، وأنها في أحسن الأحوال تراعى ولا تستجاب، وهي مقيدة بوجوب استقرار لبنان. ثم إن الدعوة إلى طي الإستقالة نوع من إدعاء “السطوة” على الحياة العامة، وليست موجهة إلى رئيس الحكومة، بمقدار ما هي رسالة قوة لتطمين “البيئة الحاضنة”. وما دس النبأ عن الإستقالة في الإعلام إلا إيحاء بالسطوة السياسية: يمسك الحزب بمصير الرئاسة ويشدّ في عضد الجنرال كي يستمر عدم اكتمال نصاب جلسة الإنتخاب. كذلك، يدعم تعطيل الحكومة، إذ يداهن وزراء عون، ويشجع تقاسم “إرث” الرئيس المغيب، ويحاور كتلة “المستقبل” النيابية لتجنب انفجار يملك وحده اشعال فتيله.

نغّص على الحزب “اعلان النيات” بين “القوات اللبنانية” و”التيار العوني”: صار لشريكه شريك، وصارت “شيطنة” سمير جعجع هزيلة، خصوصاً أنه لم يبايع عون رئيساً، بل ألزمه اتفاق الطائف، إلى درجة تكذيب نفسه والتراجع عن الدعوة إلى “الفيديرالية”.

أمام مشهد لا يعطي الحزب المقام السامي في العملية السياسية، تبدو ملامح 7 أيار سياسية تتوج بـ “دوحة” ما، أمراً موضع حياكة في دهاليز الضاحية، ولعل الزميل قاسم قصير، كان محقا في توقع ذلك، لكن موازين القوى التي تفرض على لبنان استقراره، لا تسمح بأيار جديد ولو سياسيا. فلبنان “مسألة أساسية لا غنى عنها من أجل التوازن الإقليمي”، وفق قول الموفد الفرنسي موريس كوف دي مورفيل خلال وساطته في العام 1976 أثناء حرب السنتين.