دخلت الساحة المحلية في أجواء الإستحقاق الرئاسي من زاوية أنه لم يعد بالإمكان الإستمرار على رتابة الجلسات الإنتخابية التي يدعو إليها الرئيس نبيه بري، والتي باتت وفق أوساط عين التينة، غير مقبولة وهي خارج النظام البرلماني العريق، وعلى هذه الخلفية، أتت دعوته للحوار تحت طائلة أن يتحمّل كل فريق تبعات مواقفه، وذلك في ظلّ معلومات تفيد بأن ما يجري اليوم هو تقطيع للوقت، إلى حين تبلور مشهدية بعض المحطات التي يمكن البناء عليها كزيارة الرئيس إيمانويل ماكرون إلى قطر، والتي تأخذ طابع الدعم والتشجيع لمنتخب بلاده في مباراة فرنسا – المغرب اليوم، إلاّ أنه ووفق المطلعين على ما يحصل، فذلك يتزامن مع الزيارة التي قام بها قائد الجيش جوزاف عون إلى قطر، والتي كثرت التفسيرات والقراءات حولها، فالبعض وضعها في خانة بحث شؤون المؤسسة العسكرية، في حين ثمة من يؤكد بأن قطر، ستقوم بدورٍ في الملف الرئاسي قريباً، في إطار تقاطع المواقف مع كلٍ من واشنطن والسعودية، والجميع يذكر تسوية الدوحة والتي أتت بقائد الجيش ميشال سليمان رئيساً.
وتشير المعلومات، إلى تنامي الإحتمالات بأن تنطلق تسوية جديدة من الدوحة أو من مكانٍ آخر، لأن قطر هي التي تقوم بجهودٍ في سياق تقريب المسافات بين معظم الأطراف، وبدليل أن البعض من السياسيين المخضرمين، قال أنه لا يحبّذ شخصيةً عسكرية في الرئاسة، علماً أن تكريس هذا الخيار، يدلّ على أن ثمة من يدرك بأن حظوظ قائد الجيش باتت كبيرة، وما يحصل في هذه المرحلة هو تهدئة للوضع الداخلي ولعب في الوقت الضائع، كي تكون مرحلة ما بعد الأعياد منطلقاً لتسويق التسوية وانتخاب الرئيس العتيد.
ومن ضمن هذا السياق، تؤكد المعلومات أن بري على بيّنة ممّا يحصل، وكان يدرك سلفاً أن عدة أطرافٍ لن تشارك في الحوار، إلاّ أنه أراد حشر الجميع، بمعنى أنه يسعى إلى مواكبة الفترة الفاصلة عن تبلور صورة اللقاءات ومشهدية المنطقة والوضع الدولي حيال الملف اللبناني، بعد لقاء الرئيسين إيمانويل ماكرون وجو بايدن أولاً، ثم زيارة ماكرون للدوحة ثانياً، مع توقعات بأن يعرّج على لبنان ثالثاً، ولكن مصادر السفارة الفرنسية لم تفض بأي معلومات بهذا الإطار، بل كان للسفيرة آن غريو، لقاء مطوّل مع رئيس المجلس، ووضعته في أجواء ما جرى بين بايدن وماكرون في واشنطن حول الملف اللبناني.
وبالتالي، فإن ما يحدث اليوم، هو شراء للوقت الضائع في غمرة التطورات المتلاحقة، حيث يقول أحد المراجع السياسية في مجالسه أنه يعتقد «انه في حال لم يكن دعما عاجلا للبنان وخصوصاً للقطاعات الطبية والتربوية والإجتماعية، أن تتدهور الأوضاع، وقد يحصل ما لا يحمد عقباه في ظلّ الإنكفاء المخيف في عمل الوزارات والإدارات الرسمية»، جازماً بأن «الرئيس لن يُنتخب إّلا بتسوية ستبصر النور ما بعد الأعياد»، دون أن يخفي بأن كل الإحتمالات واردة.