Site icon IMLebanon

الداخلون الجدد إلى السلطة.. أي منافع سيجدون؟

صدفة» الصراع بين قوى ما قبل 2005 وما بعده

الداخلون الجدد إلى السلطة.. أي منافع سيجدون؟

بدأ «حزب الله» جهده للتقريب بين حليفيه نبيه بري وميشال عون منذ إعلان سعد الحريري دعمه لترشيح «الجنرال». قبل ذلك، لم تنجح محاولات «استدراجه» إلى التدخل انطلاقاً من أنه «لا تقول فول تيصير بالمكيول».

يبدو «حزب الله» واثقاً من أن بري لن يغادر مركب التوافق. أما لماذا، فلا أحد يعرف إن كان الحزب يثق بعدم قدرة بري على الخروج من السلطة، كما يعتقد كُثر، بالرغم من أن رئيس المجلس «قادر على لبس أكثر من ثوب» أو أنه يثق بقدرته على الحصول لبري على ما يريده وأكثر، حتى لو اضطره الأمر إلى الاقتطاع من حصته.

مع ذلك، لا أحد يشكك بأن السهام التي يطلقها بري باتجاه عون وبالعكس، تصيب «حزب الله» أولاً، تماماً كما تؤدي «رسائل الحب» التي يوزعها الحزب على كل من الطرفين، إلى إزعاج الآخر. يتحدث السيد حسن نصرالله عن التزامه ووفائه، وعن استحقاق إيجابي يُبنى عليه، ويتحدث بري عن عهد بلا شهر عسل. يقول بري: لست أنا من يلجأ إلى تعطيل النصاب، وهو يعرف أن حليفه يلجأ إلى تعطيل النصاب منذ سنتين ونصف سنة، ولو أراد أن «يقتدي» به، لقطع عليه دروب بعبدا!

لم تكن العلاقة يوماً بين عين التينة والرابية على ما يرام. لكن ذلك لم يمنع استمرار تحالفهما، والأهم سعيهما، كلما وجدا ضرورة، إلى اللقاء وتصفية النيات. أبرز النماذج الحاضرة استقالة الوزير شربل نحاس. تلك الاستقالة لم تُقرأ سوى بوصفها حرصاً عونياً على عدم كسر الجرة مع بري، فكانت التضحية بالوزير المشاكس أفضل الخيارات. هذه القضية لم تكن وحيدة، كثير من القضايا تمت معالجتها بين الطرفين، لكن القاعدة ظلت أن التوتر سيد الموقف.

المصالح المتضاربة كثيرة، ولا سيما في النفط والكهرباء، لكنها لم تؤد إلى هدم الهيكل. الترميم كان دائماً برغبة الطرفين.. و «حزب الله». أما المفارقة الأكبر، فكانت اتفاقهما بعد سنوات من الخلاف على معالجة ملف النفط، وكذلك السير بقانون انتخابي مشترك.

كل ذلك هدم دفعة واحدة عندما قرر جبران باسيل مقاطعة طاولة الحوار. بدت تلك الخطوة بالنسبة الى عين التينة كمن يقول لسيدها ما دام الحوار الثنائي مع «المستقبل» بدأ يؤتي ثماره فلا أحد يسأل عن طاولتك.. وحوارك.

وهنا يسأل مصدر مشارك في طاولة الحوار: ما الذي كان يمنع «التيار» من السير باتفاقه مع «المستقبل»، بالتوازي مع الحوار الوطني، ومن ثم طرح هذا الاتفاق على الطاولة، بما يجعله اتفاقاً جامعاً لكل اللبنانيين؟

في السياق نفسه، يمكن التوقف عند الشرخ العمودي الذي أفرزه ترشيح عون. عون والحريري و «حزب الله» و«القوات» من جهة، وبري ووليد جنبلاط وسليمان فرنجية ونجيب ميقاتي وميشال المر و «القومي» من جهة أخرى. هذه القسمة توحي بأن الشرخ هو بين قوى باتت فاعلة في عالم السياسة بعد العام 2005 وقوى تقليدية حكمت البلد منذ العام 1992 إلى 2005. هل هذا محض صدفة؟

يقول أحد الوزراء السابقين «ابحث عن المصالح؟».. وباستثناء «حزب الله» الذي لا يبتغي داخليا سوى حماية «المقاومة»، فإن باقي «القوى الحديثة»، تتأرجح بين حدين: إما أنها تريد أن تزيح القوى السابقة عن قالب الجبنة المسمى «الدولة» أو أنها تريد في الحد الأدنى مزاحمتها عليه. وفي الحالتين، من الطبيعي أن يسعى أولئك إلى الدفاع الشرس عن «حقوقهم المكتسبة»، وهم نجحوا في ذلك أشد نجاح حتى الآن. فلا الحريري تمكن من مزاحمة السنيورة في الدولة، بالرغم من أن الأخير هو نظرياً في منظومة «المستقبل»، ولا عون نجح في مزاحمة ميشال المر، الذي برغم خروجه من جنة السلطة (الحكومة)، ما يزال حاضراً في مفاصل الدولة أكثر من رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية (عون).

لكن المشكلة الفعلية التي تزيد من علامات الاستفهام تتمثل في حقيقة «ماذا بقي لتقاسمه؟»، وهل حقاً الحريري قادر على تعويم نفسه في السلطة؟ وبدقة أكثر، بماذا يعد الداخلون الجدد إلى السلطة أنفسهم، إذا كان نبع الدولة لم يعد يتفرع منه سوى بعض السواقي الضيقة؟ هل صار «باريس 4» على الأبواب؟